403

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

بلده وقد قرىء به. والظاهر أن المراد به الاسم وإن أريد به المصدر على حذف مضاف، أي وقودها احتراق الناس والحجارة وهي جمع حجر كجمالة جمع جمل وهو قليل غير منقاس. والمراد بها الأصنام التي نحتوها وقرنوا بها أنفسهم وعبدوها طمعا في شفاعتها والانتفاع بها واستدفاع المضار بمكانتها، ويدل عليه قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [الأنبياء: 98] عذبوا بما هو منشأ جرمهم كما عذب الأصل فيجب إغلاق بابه بقدر الإمكان. قال المصنف في أصوله المسمى بالمنهاج: إذا تعارض احتمالا الاشتراك والمجاز يرجح المجاز على الاشتراك لكثرة المجاز بالنسبة إلى المشترك، ولأن المجاز إنما يحتاج إلى القرينة عند استعماله في المعنى المجازي، والمشترك يحتاج إليها في جميع استعمالاته. قوله: (وقد قرىء به) أي بضم الواو. والظاهر أن ما قرىء بالضم اسم معناه ما يتوقد به مجازا لغويا استعمالا للمصدر بمعنى المفعول كما يقال:

فخر قومه ويراد ما يفتخرون به، فإن المصدر لو كان على حقيقته لكان اسم الذات خبرا عن المعنى ولوجب أن يحمل الكلام على حذف المضاف. والتقدير وقودها وارتفاع لهبها هو احتراق الناس إلا أن حمل الاحتراق على التوقد ب «هو» هو يحتاج إلى توجيه لأن الاحتراق صفة الناس، والحجارة والتوقد صفة النار فلا يكون أحدهما هو الآخر حقيقة إلا أن احتراقهما لما كان سببا لتوقد النار حمل على توقدها حمل «هو» هو مبالغة في سببيته للتوقد.

كأنه قيل: ليس توقدها إلا بسبب احتراقهما، كما إذا قيل: الشبع الأكل يكون المعنى أن الشبع يكون بسبب الأكل. قوله: (وهو قليل غير منقاس) يعني أن جمع فعل بفتحتين على فعالة نادر مبني على السماع ولا يجري فيه القياس بل مداره اتباع الاستعمال الوارد في كلام الفصحاء مثل: جمل وجمالة وذكر وذكارة. وفي الصحاح: الحجر جمعه في القلة أحجار وفي الكثرة حجارة وحجار، كقولك: جمل وجمالة وجمال وهو نادر وغير منقاس من قست الشيء على غيره فانقاس. قوله: (وقرنوا بها أنفسهم وعبدوها) فيه إشارة إلى جواب ما يقال: لم قرن الناس بالحجارة وجعلت معهم وقودا؟ وتقريره أنهم لما قرنوا بها أنفسهم في الدنيا حيث نحتوها أصناما وجعلوها لله أندادا وعبدوها من دونه قرنت هي بأنفسهم في قوله تعالى: وقودها الناس والحجارة وفي قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [الأنبياء: 98] والحصب ما يحصب به في النار أي يرمى به، كذا في الصحاح. قوله: (بمكانتها) أي بقربها ومنزلتها عند الله تعالى فإن الشفيع إنما يشفع ويدفع عن المشفوع لمكانته ومنزلته عند من يشفع إليه. قوله: (ويدل عليه) أي على أن المراد بالحجارة هي الأصنام. وجه الدلالة أن المراد بالضمير المنصوب في قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [الأنبياء: 98] هو المشركون وقد عطف عليه

Bogga 409