392

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

عمرو أي في الشرف، ومنه الشيء الدون ثم اتسع فيه فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد وتخطي أمر إلى آخر. قال تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين [آل عمران: 28] أي لا يتجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين. وقال أمية: يا نفس مالك دون الله من واق، أي إذا تجاوزت وقاية الله فلا يقيك غيره. ومن متعلقة ب «ادعوا» مكان من الشيء» وقوله: «ثم اتسع» عطف على «استعير». والحاصل أن لفظ «دون» في الأصل للتفاوت في الأمكنة ثم استعير منه للتفاوت في المراتب المعنوية تشبيها لها بالمراتب المحسوسة وشاع استعماله فيها أكثر من استعماله في أصل معناه. فقيل لمن هو أنزل من الآخر في الشرف: هو دونه ثم اتسع فيه أي ثم تجوز في هذا الدون المستعار للرتب المتفاوتة لا فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد وإن لم يكن هناك تفاوت وانحطاط، فهو في هذا المعنى مجاز في المرتبة الثانية كما في قوله تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين [آل عمران: 28] وقول أمية بن الصلت:

يا نفس مالك دون الله من واق ... ولا للسع بنات الدهر من راق

والأولياء جمع الولي بمعنى الصديق وهو ضد العدو، مثل قوي وأقوياء، والولاء بفتح الواو الصداقة فيكون مصدرا لولي وبكسر الواو مصدرا لوالي. وقوله: «أي لا يتجاوزوا» وكذا قوله: «أي إذا تجاوزت» بيان لحاصل المعنى فإن «دون» في الموضعين ظرف مستقر وقع حالا أي لا تتخذوهم أولياء متجاوزين المؤمنين. ومالك من واق متجاوزة وقاية الله تعالى وكلمة «من» فيهما لابتداء الغاية لأن موالاة الكفار مبتدأة من التجاوز وكذا انتفاء الواقي مبتدأ منه. وقوله: «اتسع» بدل استعير إشارة إلى أن التجوز في المرتبة الثانية غير مبني على التشبيه حتى يكون من قبيل الاستعارة فيكون مجازا مرسلا على طريق إطلاق المقيد على المطلق. فإن «الدون» المستعار للمنحط في الرتبة المعنوية مستعمل في التجاوز المقيد بكونه من رتبة حسنة رفيعة إلى رتبة قبيحة حقيرة فيكون استعماله في مطلق تخطي أمر إلى أمر مجازا مرسلا متفرعا على الاستعارة. ولفظ «النفس» في قول أمية بن الصلت روي مضموما على أنه منادى مفرد معرفة، ومكسورا على حذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة، واللسع بالعين المهملة اللدغ. قال الشاعر:

قد لدغت حية الهوى كبدي ... فلا طبيب لها ولا راقي

وأراد «ببنات الدهر» حوادثه المتولدة منه فإنه قد شاع بينهم تشبيه الليلة بالحبلى وما تجدد بعد انتباه الناس واختلاطهم من الحوادث بالأولاد والتعبير بالبنات لكونها عبارة عن الحادثات.

قوله: (ومن متعلقة بادعوا) على أنها ابتدائية. والمعنى ادعوا للاستعانة على الإتيان بما

Bogga 398