381

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

العلة والمقتضى. وبيانه أنه رتب الأمر بالعبادة على صفة الربوبية إشعارا بأنها العلة لوجوبها ثم بين ربوبيته بأنه تعالى خالقهم وخالق أصولهم وما يحتاجون إليه في معاشهم من المقلة والمظلة والمطاعم والملابس، فإن الثمرة أعم من المطعوم والرزق أعم من المأكول والمشروب. ثم لما كانت هذه الأمور التي لا يقدر عليها غيره شاهدة على وحدانيته تعالى رتب تعالى عليها النهي عن الإشراك به. ولعله سبحانه أراد من الآية الأخيرة مع ما دل عليه الظاهر وسيق فيه الكلام الإشارة إلى تفصيل خلق الإنسان وما أفاض تعالى عليه من المعاني والصفات على طريقة التمثيل، فمثل البدن بالأرض والنفس الأرض لأنها تقل ما عليها أي ترفعه وتحمله يقال: أقله أي رفعه وتحمله. وأراد بالمظلة السماء لأنها تلقي ظلها على ما تحتها يقال: أظل أي ألقى الظل. وبين خلق المظلة والمقلة بقوله: الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وبين خلق المطاعم والملابس بقوله:

وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فإن الثمر في الأصل كما مر اسم لحمل الشجرة ثم عمم فأطلق على كل ما ينتفع به متفرعا على أصل، والمال والمطاعم والملابس كلها كذلك فإنها ينتفع بها وخارجة من الأرض. قوله: (ثم لما كانت هذه الأمور التي لا يقدر عليها غيره تعالى شاهدة على وحدانيته رتب عليها النهي عن الإشراك به) يعني أن الفاء في قوله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا فاء جزاء شرط محذوف أي إذا علم وحدانيته تعالى بالصفات المذكورة سابقا فلا تجعلوا. قوله: (ولعله سبحانه أراد من الآية الأخيرة) وهي قوله تعالى: الذي جعل لكم الأرض الآية وقوله: «الإشارة» مفعول «أراد» وقوله: «ما دل عليه» الخ إشارة إلى أنه يجب حمل الكلام على ما ظهر من معناه وسيق الكلام لأجله. ولا يصرف الكلام عما ظهر من معناه إلا بدليل صارف إلى ما سواه من المعاني الخفية التي لا ينساق الفهم إليها على أنها معان زائدة على أصل المقصود الذي سيق لأجله الكلام. ولما ذكر المصنف ما سيقت هذه الآية لأجله من ظاهر معناها ذكر المعنى الزائد الذي كانت الآية إشارة إليه وهو تفصيل خلق الإنسان. وذلك أن الله تعالى مهد لهم أراضي نفوسهم وأبدانهم وبنى عليها سموات أرواحهم وأنزل من تلك السماء ماء العقل فأخرج به من أرض البدن ثمرات الاستسلام والأعمال الصالحة والعلوم النظرية التي هي بمنزلة الأرزاق بالنسبة إلى أرواحهم. فمثل البدن بالأرض من حيث إنه يتأثر وينفعل عن النفس الناطقة بسبب ما يفيض عليه منها من الفضائل والكمالات، ومثل النفس بالسماء من حيث إنها تؤثر وتفعل في البدن بالتكميل والتصرف فيه تصرفا مؤديا إلى فيضان الفضائل العملية والنظرية عليه، وشبه العقل بالماء من حيث كونه واسطة في حصول تلك الفضائل الفائضة على الإنسان من فضل الله تعالى فإنها إنما تحصل له بواسطة استعمال العقل

Bogga 387