370

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

يتعدى، كقوله:

فقد جعلت قلوص بني سهيل ... من الأكوار مرتعها قريب

وبمعنى أوجد فيعدى إلى مفعول واحد كقوله تعالى: وجعل الظلمات والنور [الأنعام: 1] وبمعنى صير ويتعدى إلى مفعولين كقوله تعالى: جعل لكم الأرض فراشا والتصيير يكون بالفعل تارة وبالقول والعقد أخرى ومعنى جعلها فراشا أن جعل بعض يعني أن «جعل» سواء كان من أفعال المقاربة بأن يكون موضوعا للدلالة على شروع فاعله في مضمون الخبر مثل: طفق وأخذ وأقبل وأنشأ، أو كان بمعنى أوجد أو بمعنى صير من الأفعال العامة أي المتناولة لجميع الأفعال المخصوصة مثل: فعل وحصل وكان التامة، فإن معانيها نتحقق في ضمن جميع الأفعال الخاصة كالضرب والقيام والذهاب وغيرها. ويجيء على ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون من أفعال المقاربة حيث يقال: جعل زيد يخرج بمعنى صار وطفق يخرج، وإنما ضم صار إلى طفق مع أنه ليس من الأفعال الموضوعة لدنو الخبر حقيقة بناء على أن النحاة اصطلحوا على عدد الأفعال التي لا يعتبر في مفهومها دنو الخبر من الحصول كأفعال الشروع الموضوعة لشروع فاعلها في مضمون الخبر، وكالفعل الموضوع لرجاء حصول مضمون الخبر نحو «عسى» فإنه ليس فيه دلالة على دنو الخبر لأن خبره لكونه مطموع الحصول لا يوثق بحصوله فكيف يتصور أن يحكم بدنو حصوله؟ فظهر أن أفعال المقاربة في الحقيقة وهي الأفعال الموضوعة لدنو الخبر ليس إلا «كاد» و «أوشك» و «كرب» و «هلهل». يقال: كرب أن يفعل كذا أي كاد يفعل، وهلهلت أدركه أي كدت أدركه.

فتسمية ما عداها أفعال المقاربة إنما هو مجرد اصطلاح، وقد اصطلحوا على عد «صار» و «جعل» و «طفق» من أفعال المقاربة وهي من الأفعال الموضوعة للدلالة على شروع فاعلها في مضمون الخبر. والقلوص الشابة من النوق، والأكوار جمع كور بالفتح وهي الجماعة الكثيرة من الإبل وقوله: «من الأكوار» حال من «قلوص» وقوله: «مرتعها قريب» جملة اسمية خبر «جعلت». والمعنى شرعت قلوصهم أن تكون قريبة المرتع. والأكثر أن يكون خبرها فعلا مضارعا مع «أن أو مجرد» عنها وههنا كان جملة اسمية. والمرتع موضع الأكل والتنعم قال تعالى حكاية عن أخوة يوسف عليه الصلاة والسلام يرتع ويلعب [يوسف: 12] أي نتنعم ونلهو. وقوله: «والتصيير يكون بالفعل تارة» كما في قولك: صيرت الثوب قميصا وجعلت الفضة خاتما ومنه قوله تعالى: جعل لكم الأرض فراشا أي مفروشا مبسوطا.

ويكون بالقول أيضا كما في قولك: جعلت زيدا أميرا إذا قلت إنه أمير قولا غير مستند إلى ذلك، وبالعقد أخرى أي باعتقاد كونه على صفة اعتقادا غيره مطابق للواقع. فقوله تعالى:

Bogga 376