Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
اليهود في جهلهم بما معهم من التوراة بحال الحمار في جهله بما يحمل من أسفار الحكمة، والغرض منهما تمثيل حال المناقين من الحيرة والشدة بما يكابده من انطفأت ناره بعد إيقادها في ظلمة أو بحال من أخذته السماء في ليلة مظلمة مع رعد قاصف وبرق خاطف وخوف من الصواعق. ويمكن جعلها من قبيل التمثيل المفرد وهو أن تأخذ أشياء اليهود في جهلهم بما معهم من التوراة بحال الحمار في جهله بما يحمل من أسفار الحكمة) فقد روعي في جانب المشبه به حمل الحمار وكون المحمول هو الأسفار التي هي أوعية العلوم والحكم وكون الحمار جاهلا بما في الأسفار التي يحملها وكذا روعي في جانب المشبه حملهم التوراة وكون المحمول السفر الإلهي الذي فيه تفصيل كل شيء. وكونهم جاهلين بما فيه من حيث إنهم لم يعملوا بما فيه وقد تقرر أن من لم يعمل بعلمه هو والجاهل سواء. ووجه الشبه بين هاتين الجهتين هو فقد جريان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل الباعث واستصحابه.
قوله: (والغرض منهما) أي الحكمة والمصلحة المترتبة على إيراد التمثيلين لأن أفعاله تعالى ليست معللة بالأغراض عند أهل السنة، والغرض من التشبيه قد يعود إلى المشبه به وهو إيهام أن المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه كما في قوله:
وبدا الصباح كان غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح
فيه بيان اهتمام المتكلم بالمشبه به حيث جعل للخليفة وجها كالبدر في الاستدارة، وشبه إشراق الصبح بالغرة والغرض منه في الأغلب يعود إلى المشبه لبيان حاله كما في تشبيه ثوب أسود بالغراب في شدة السواد. فبين المصنف أن الغرض من التمثيلين عائد إلى المشبه وهو حال المنافقين من وقوعهم في حيرة ظلمة النفاق والتذبذب بين الفريقين وشدة سخط الله تعالى وعقابه السرمد بعد ما انتفعوا قليلا بالكلمة المجراة على ألسنتهم وإظهار الإيمان.
وهذه الحالة أمر معقول فقررت في نفس السامع تشبيها بحال يكابدها من طفئت ناره بعد إيقادها في ظلمة الليل وبحال من أخذه المطر في ليلة مظلمة والمكابدة مقاساة الشدة والتعب بحيث يصل ألمها إلى الكبد يقال: كابدت الأمر أي قاسيت شدته. قوله: (بما يكابده) متعلق بقوله: «تمثيل» و «من انطفأت» فاعل «يكابد» يعني أن الغرض تمثيل حالهم بالحال التي يكابدها ويقاسي شدتها من انطفأت ناره وقوله: «أو بحال» عطف على قوله: «بما يكابد» ووجه الشبه في التمثيلين هو الهيئة الحاصلة من اجتماع أنواع الشدائد والمحن العارضة لهم المستمرة فيهم بحيث لا يرجون انكشافها وحصول التروح بعدها بعد زوال ما هو نافع عندهم مدة قليلة وانتفاعهم به زمانا يسيرا. قوله: (من أخذته السماء) أي حل به السحاب والمطر.
قوله: (من قبيل التمثيل المفرد) وهو الذي سماه أهل البيان التشبيه المفرق المقابل لتشبيه
Bogga 353