Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
فإن اسم الجنس كما يستعمل لمسماه مطلقا يستعمل لما يستجمع المعاني المخصوصة به المعرف بلام الجنس قد يقصد به نفس الحقيقة من حيث هي حيث هي كالمحدودات المعرفة باللام، وقد يقصد به الجنس بأسره كما في قوله تعالى: إن الإنسان لفي خسر [العصر: 2] وشيء من هذين المعنيين لا يصح إرادته ههنا، لأن الجنس من حيث هو ليس بمؤمن وكذا جميع أفراده. وقد يقصد به بعض أفراده من حيث إنه فرد منه مع قطع النظر عن اتصافه بوصف زائد كما في قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
وهذا المعنى قليل الجدوى جدا لا يصار إليه إلا إذا تعذر حمل اللام على العهد الخارجي، وتعذر أيضا حمله على المعنيين الآخرين لتعريف الجنس فظهر بهذا أنه لا وجه لجعل اللام في الناس للجنس لتعذر إرادة كل واحد من المعاني الثلاثة للمعرف بلام الجنس.
إلا أن بعض أفراد الجنس مع كونه بعضا منها في نفس الأمر قد يدعى انحصار الجنس فيه وكونه جميع أفراد الجنس لكماله واستجماعه جميع الخواص المطلوبة من ذلك الجنس والفضائل المقصودة من مثله، فاستحق لذلك أن يحصر الجنس فيه ولا يعد ما عداه داخلا في عداد ذلك الجنس وأفراده لانحطاط رتبته عن رتبة ذلك الجنس لخلوه عن الخواص المطلوبة من ذلك الجنس في مثل هذا الفرد وكثيرا ما ينفي عنه اسم جنسه، ويقال: فلان ليس بإنسان مثلا إذا لم يوجد فيه المعنى الذي خلق الإنسان لأجله. فقوله: «واللام في الناس للجنس» أي لاستغراق الجنس بادعاء انحصاره في الأفراد الكاملين المستجمعين للخواص المطلوبة من ذلك الجنس والفضائل المقصودة من خلقه. وفي الحواشي الشريفية:
الكاملون في الإنسانية هم الجامعون لما يعد من خواص الإنسان وفضائله فهم لذلك يستحقون أن يحصر فيهم الجنس كأنهم الجنس كله. فهذا الحصر بالنظر إلى كمالهم وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: «فإن اسم الجنس كما يستعمل لمسماه مطلقا» أي سواء كان نفس الحقيقة من حيث هي أو من حيث تحققه في ضمن أفراده يستعمل أيضا للكاملين من أفراده، فإن كل ما أوجده الله تعالى في هذا العالم من الأجناس جعله صالحا لفعل خاص ولا يصلح له غيره: كالفرس للعدو الشديد على وجه الفر أو الكر والبعير لقطع المفاوز البعيدة وحمل الأثقال الفادحة، وكذلك كل عضو من الجوارح والأعضاء كاليد والرجل والعين والأذن خلق لعمل يختص به. ومن أشرف ما خلقه الله تعالى لمعان تخص به الإنسان فإنه تعالى خلقه عاقلا ليعرف خالقه بحسب ما في وسعه ويعرف جميع ما خلق له من الأفعال والتروك فيطيعه في جميع ذلك ويعمل على مقتضى علمه. فمن بلغ الكمال في هذه المعاني المقصودة من خلقه واستجمعها بتمامها فقد استحق لأن يسمى باسم الإنسان، ومن لم يبلغ هذه المرتبة لم
Bogga 286