Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
وما هم بمؤمنين (8) إنكار ما ادعوه ونفي ما انتحلوا إثباته وكان أصله وما آمنوا ليطابق قولهم في التصريح بشأن الفعل دون الفاعل. لكنه عكس تأكيدا ومبالغة في التكذيب لأن إخراج ذواتهم من عداد المؤمنين أبلغ من نفي الإيمان عنهم في ماضي وهو الاعتقاد المكتسب من النظر والاجتهاد سواء كان متفقا عليه أو مختلفا فيه. والمعنى الثالث المذهب وهو الاعتقاد الاجتهادي المختلف فيه. فالرأي أعم، فيقال هذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه ويراد أنه رأيه أو مذهبه. فقوله: «مجازا» قيد لقوله: «ويقال» أي ويقال قولا مجازيا لهذه المعاني الأربعة. واليوم في العرف ما بين طلوع الشمس إلى غروبها من الزمان، وفي الشرع ما بين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. والمراد به ههنا إما الوقت الغير المحدود بمعنى أنه لا آخر له وإن كان له مبدأ وهو وقت الحشر وهو الأبد الدائم الذي لا قطع له، ووصف بالآخر لكونه آخر الوقت المحدود من جهة طرفيه وهو وقت الدنيا. وإما آخر الوقتين المحدودين اللذين أحدهما وقت الدنيا وثانيهما ما بين وقت الحشر إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وهذا الوقت آخر الأوقات المحدودة وما بعده هو الأبد الذي لا حد له.
قوله: (إنكار ما ادعوه) وهو إحداثهم الإيمان ونفي ما انتحلوا إثباته لأنفسهم أي ادعوا لأنفسهم إثباته. وفي الصحاح: نحلته القول أنحله نحلا بالفتح إذا أضفت إليه قولا قاله غيره، وانتحل فلان شعر غيره أو قول غيره إذا ادعاه لنفسه، وتنحله مثله. انتهى. فالنحلة والانتحال والتنحل كله بمعنى الادعاء إلا أن الأول ادعاء الشيء على الغير الذي هو بريء منه والأخير أن ادعاؤه لنفسه مع خلوه عنه، فقوله: «ونفى ما انتحلوا إثباته» من قبيل عطف التفسير. ولما بين أن المقصود من قوله تعالى: وما هم بمؤمنين رد كلامهم وتكذيبهم فيه وإنكار ما ادعوا إثباته لأنفسهم، ورد أن يقال: إن المطابق لمقتضى الحال أن يقال: «وما آمنوا» ليطابق دعواهم فإن قولهم: آمنا كلام في شأن الفعل أي في بيان أنه متحقق صادر عنهم، وقوله تعالى: وما هم بمؤمنين كلام في بيان الفاعل أي في بيان أنه بحيث لم يصدر عنهم ذلك فإن القاعدة أن يتقدم الذي شأنه أهم وبيانه أعني وأكثر مقصودا فلما قدموا الفعل في قولهم: آمنا صرحوا بأن عبارتهم متعلقة ببيان صدور الفعل منهم لا ببيان فاعليتهم لذلك الفعل، فالرد الذي يطابقه التصريح بنفي الفعل عنهم لا بنفي فاعليتهم فأشار إلى جوابه بقوله: «لكنه عكس تأكيدا ومبالغة في التكذيب» ووجه كون تقديم الفاعل مفيدا للمبالغة في التكذيب أنه لو قيل: «وما آمنوا» لكان رد العين ما ادعوه ولما قيل: «وما هم بمؤمنين» كان ردا لانخراطهم في سلك المؤمنين وكونهم معدودين في عدادهم الذي هو من لوازم ثبوت الإيمان الحقيقي لهم، فكان هذا القول نفيا لما هو اللازم لما ادعوه. ومن
Bogga 261