251

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

فإنهم من حيث إنهم صمموا على النفاق دخلوا في عداد الكفار المختوم على قلوبهم واختصاصهم بزيادات زادوها على الكفر لا يأبى دخولهم تحت هذا الجنس، فإن الأجناس إنما تنوع بزيادات يختلف فيها أبعاضها فعلى هذا تكون الآية تقسيما للقسم ومشاعره سواء كانوا من أصحاب ابن أبي أو لم يكونوا فلذلك عطفوا على قوله:

«وأصحابه».

قوله: (فإنهم من حيث إنهم صمموا على النفاق دخلوا في عداد الكفار المختوم على قلوبهم) بيان لوجه الحكم على المنافقين بأنهم من الناس المعهودين المذكورين بقوله سبحانه وتعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم الآية فإنه ورد على الحكم المذكور أن يقال: إن المنافقين كيف يدخلون في عداد الناس المعهودين المصرين على الكفر ولا ينفع فيهم الإنذار ولا يؤمنون أبدا، مع أنهم متميزون عنهم بما فيهم من الزيادة التي ليست بموجودة في هؤلاء المعهودين وهي تمويه الكفر بالخداع والاستهزاء ونحو ذلك، فإنه لا يقال الخيل من البغال وبالعكس لاختصاص كل واحد من النوعين بزيادة ليست في الآخر. فأجاب عنه بأن اختصاص المنافقين بتلك الزيادة لا يمنع دخولهم تحت الجنس المعهود بل يدخلون تحته باعتبار كونهم حصة من مطلق الكافر المصر، كما أن اختصاص الجنس المعهود بزيادة هي المجاهرة بالإنكار لا يمنع دخوله تحت جنس المنافقين بل هو داخل في عدادهم لمشاركته إياهم في الإصرار على الباطل. ألا ترى أن اختصاص كل نوع من الأنواع المتباينة بفصل يقومه ولا يوجد في غيره لا يمنع دخوله تحت الجنس المقول عليه؟ فإن الإنسان مع اشتماله على زيادة لا توجد في مفهوم الحيوان مندرج تحته داخل في عداده. فكذا المنافقون مع اختصاصهم بما فيهم من الزيادة داخلون في عداد الجنس المعهود وهو جنس الكفرة المصرين على كفرهم المختوم على قلوبهم ومشاعرهم لأنه إذا جعل اللام في الناس للعهد وجعل المنافقون بعضا من هؤلاء المعهودين تعين أن يكون المعهود الجنس المتنوع إلى النوعين وهما الماحضون والمنافقون لا النوع القسيم للمنافقين وإلا لما صح جعل المنافقين بعضا منه. قوله: (فعلى هذا) أي على تقدير أن يكون تعريف الناس للعهد، والمعهود الجنس المذكور، وأن يكون المنافقون بعضا منهم يكون قوله سبحانه وتعالى: ومن الناس الخ تقسيما للقسم الثاني وهو الذين كفروا وأصروا على الكفر وختم على قلوبهم إلى قسمين:

أحدهما الماحضون، والآخر المنافقون. ووجه كونه تقسيما له إليهما أن قوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم إلى قوله: ولهم عذاب عظيم يتناول الماحضين والمنافقين، ولما ذكر بعده قسم المنافقين بأن عد من هؤلاء الكفرة والمصرين. وقيل: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين فقد حصل بصريح النظم قسم المنافقين

Bogga 257