Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
وطارت به العنقاء إذا طالت غيبته. الثالث إن ذلك في الحقيقة فعل الشيطان أو الكافر لكن لما كان صدوره عنه بإقداره تعالى إياه أسند إليه إسناد الفعل إلى المسبب الرابع إن أعراقهم لما رسخت في الكفر واستحكمت بحيث لم يبق طريق إلى تحصيل إيمانهم سوى الإلجاء والقسر ثم لم يقسرهم إبقاء على غرض التكليف عبر عن تركه بالختم فإنه كالطوق. وقيل: لأنه كان في عنقها طوق. وروي عن الكلبي أنه قال: كان لأهل الرس نبي يقال له حنظلة بن صفوان وكان بأرضهم جبل يقال له دمخ، بفتح الدال وسكون الميم والخاء المعجمة، سمكه في السماء قدر ميل وكان فيه طائر من أحسن الطيور وهو العنقاء وكان من عادتها أن تنقض على الطيور فتأكلها فجاعت يوما ولم تجد طيرا فانقضت على صبي فذهبت به، فسميت عنقاء مغرب لأنها تغرب بكل ما أخذته، ثم انقضت يوما على جارية قاربت الحلم فذهبت بها فشكوها إلى نبيهم حنظلة فدعا عليها وقال: اللهم خذها واقطع نسلها فأصابتها صاعقة فأحرقتها. وقيل: إنها الآن باقية أغربت في البلاد فبعدت ولم تعد بعد ذلك. وهذا المعنى يلائم طول الغيبة، وما تقدم يلائم الإهلاك الكلي. قوله:
(الثالث إن ذلك) أي الختم فالمعنى المجازي ليس مسند إليه مع حقيقته بل هو فعل الشيطان أو الكافر نفسه، إلا أنه سبحانه وتعالى لما كان هو الذي أقدره ومكنه أسند إليه الفعل كما أسند إلى الأمير في قوله: بنى الأمير المدينة. قوله: (الرابع إن أعراقهم) جمع عرق وهو أصل الشجرة. والمراد به ههنا ضمائرهم المحتجبة بأبدانهم. ومحصول هذا الوجه أن الختم ليس مجازا عن إحداثه الهيئة المانعة من قبول الحق الملجئة إلى الكفر والطغيان حتى يمتنع إسناده إليه سبحانه وتعالى بل هو مجاز مرسل عن ترك القسر والإلجاء إلى الإيمان لاستلزام الختم على القلوب إياه، وذكر الملزوم وإرادة اللازم من قبيل المجاز المرسل. فمعنى ختم الله على قلوبهم أنه لم يقسرهم على الإيمان إلا أن هذا المعنى المجازي وهو ترك القسر ليس مقصودا لذاته بل إنما قصد لينتقل منه إلى أن مقتضى حالهم الإلجاء إلى الإيمان من حيث إن أعراقهم وضمائرهم استحكم فيها الكفر فلا طريق إلى إيمانهم سوى القسر والإلجاء. إلا أنه سبحانه وتعالى لم يقسرهم ولم يكرهم على الإيمان إبقاء لما هو المقصود من التكليف وهو إنابة المكلف بمقابلة إتيانه بما كلف به باختياره وإرادته، فإن المرء لا يثاب بما فعله بالقسر والإلجاء. ووجه الانتقال من ترك القسر إلى أن مقتضى حالهم الإلجاء إليه ولا طريق إليه سوى الإلجاء ما مر من أن قوله سبحانه وتعالى: ختم الله على قلوبهم جواب عن السؤال عن السبب المطلق للحكم السابق، فقوله سبحانه وتعالى: ختم الله على قلوبهم بمعنى أنه لم يقسرهم على الإيمان لا يكون جوابا للسؤال عن السبب المطلق له إلا إذا بلغوا في الإصرار على الكفر إلى أقصى
Bogga 243