Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
وإنما المراد بهما أن يحدث في نفوسهم هيئة تمرنهم على استحباب الكفر والمعاصي واستقباح الإيمان والطاعات بسبب غيثهم وانهماكهم في التقليد وإعراضهم عن النظر الصحيح، فتجعل قلوبهم بحيث لا ينفذ فيها الحق وأسماعهم تعاف استماعه فتصير كأنها مستوثق منها بالختم وأبصارهم لا تجتلي الآيات المنصوبة لهم في الأنفس والآفاق كما تجتليها أعين المستبصرين فتصير كأنها غطي عليها وحيل بينها وبين الأبصار.
المانعة من الإبصار على طريق الاعتبار والاستدلال بالغطاء الساتر للمرئي المانع من وصول الشعاع البصري إليه وإدراكه بسببه فاستعير اسم الغطاء والغشاء لتلك الهيئة استعارة أصلية.
قوله: (تمرنهم) أي تعودهم وهو صفة لقوله: «هيئة» والتمرين التعويد، والتمرن التعود والاعتياد يقال: مرن على الشيء أي تعوده واستمر عليه، والانهماك على الشيء الاجتهاد وبذل الوسع فيه يقال: انهمك الرجل في الأمر أي جد فيه، واستحباب الكفر أي عده محبوبا بسبب انهماك القوة النظرية.
قوله: (بسبب غيهم) متعلق بقوله: «أن يحدث» يعني إن إحداث الهيئة المركوزة في نفوسهم وذواتهم عقوبة معجلة لهم على غيهم وعصيانهم. كما قيل للإنسان ثلاثة أنواع من الذنب يقابلها في الدنيا ثلاث عقوبات: الأول الغفلة عن العبادات أي تركها بناء على الغفلة وقلة الاهتمام وهي توجب الجسارة على ارتكاب الذنوب والمحارم. والثاني الجسارة على ارتكاب المحارم إما لشهوة تدعوه إليه أو لشراهة تحسنه في عينه فتورثه وقاحة وهي عدم المبالاة من ارتكاب القبائح لفقدان الحياة المانع منه، وهي الوقاحة المعبر عنها بالرين في قوله تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [المطففين: 14] والثالث الضلال وهو أن يسبق إلى اعتقادهم مذهب باطل وأعظمه الكفر فلا يكون تلفت منه بوجه إلى الحق وذلك يورثه هيئة تمرنه على استحسانه المعاصي واستقباحه الطاعات وهو المعبر عنه بالختم والطبع في قوله سبحانه وتعالى: وختم على سمعه وقلبه [الجاثية: 23] أولئك الذين طبع الله على قلوبهم [النحل: 108] وبالإقفال في قوله تعالى: أم على قلوب أقفالها [محمد: 24] إلى غير ذلك. قوله: (وانهماكهم) أي لجاجهم وجدهم في التقليد بالآباء والأجداد الكفرة. قوله: (فتجعل) إن كان بناء المفرد المؤنث يكون مرفوعا معطوفا على قوله: «تمرنهم» ويكون المستتر فيه راجعا إلى الهيئة ويكون الإسناد مجازيا، وإن كان بناء المفرد المذكر يكون منصوبا معطوفا على قوله: «أن يحدث» ومسندا إلى ضمير اسم الله تعالى إسنادا حقيقيا. قوله: (وأسماعهم) منصوب معطوف على قوله: «قلوبهم». قوله:
(تعاف) أي تكره. قوله: (فتصير) أي القلوب والأبصار. قوله: (لا تجتلى الآيات) أي لا تنظر إليها مجلوة يقال: اجتليت العروس إذا نظرت إليها مجلوة مكشوفة. قوله: (وحيل) أي
Bogga 238