Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
من حيث إن الأحكام لا تستدعي غرضا سيما الامتثال لكنه غير واقع للاستقراء. والإخبار بوقوع الشيء أو عدمه لا ينفي القدرة عليه كإخباره تعالى عما يفعله هو أو العبد باختياره، قوله: (والإخبار بوقوع الشيء أو عدمه لا ينفي القدرة عليه) جواب عن احتجاج المجوز بهذه الآية على وقوع التكليف بالممتنع لغيره. وتقرير الاحتجاج أن الله سبحانه وتعالى أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون وعلم أيضا عدم صدور الإيمان منهم مع أنه تعالى كلفهم بالإيمان، فلو وقع إيمانهم لزم من فرض وقوعه محال وهو محال، فتكليفهم بالإيمان تكليف بالمحال وقد وقع. وتقرير الجواب أن الآية وإن دلت على وقوع التكليف بالمحال إلا أن المحال المذكور ليس ممتنعا لذاته لأن إخبار الله تعالى بأنهم لا يؤمنون وعلمه بذلك لا يستلزم كون الإيمان المكلف به ممتنعا لذاته بالنسبة إليهم، كيف وأنهم مع ذلك العلم والإخبار قادرون عليه متمكنون من اكتسابه من حيث سلامة أسبابهم وآلاتهم الممكنة لهم من اكتسابه وامتناع الإيمان منهم من حيث كونه مستلزما لكون إخباره تعالى كذبا وكون علمه جهلا امتناع بالغير وذلك لا ينافي إمكانه في نفسه، فتكليفهم بالإيمان تكليفهم بما هو مطابق في نفسه وإن كان ممتنعا لغيره. ويمكن جعله جوابا عن تقرير الاحتجاج على الوجه الثاني أيضا وهو ما أشار إليه بقوله: إن الله تعالى أمرهم بالإيمان بجميع ما أخبر به فلو آمنوا به لشمل إيمانهم بذلك الإيمان بأنهم لا يؤمنون وهو مستلزم لعدم إيمانهم بذلك، والإيمان وعدم الإيمان متقابلان وامتناع المتقابلين ممتنع لذاته وقد وقع التكليف. وتقرير الجواب أن الإخبار بوقوع الشيء أو بعدم وقوعه لما لم ينف القدرة صار كل واحد من الإيمان وعدمه مقدورا ممكنا في ذاته بالنسبة إلى من أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون، وكونه ممتنعا منهم من حيث استلزامه اجتماع الإيمان وعدمه في قلوبهم امتناع بالغير مع أن الظاهر أن إيمانهم بأنهم لا يؤمنون في ضمن إيمانهم بجميع ما أنزل غير مستلزم لاجتماع الضدين كما اعترف به آنفا، فيكون الإيمان المكلف به في حقهم ليس ممتنعا لذاته فيكون التكليف بذلك واقعا بناء على أن نفس الإيمان بجميع الأحكام الذاتية لا يستلزم لذاته اجتماع المتنافيين، وإنما يستلزمه أن لو آمنوا به بعد ما علموا أنه تعالى أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون فإنه حينئذ يجب عليهم أن يصدقوه في هذا الإخبار بخصوصه في جملة ما آمنوا به وصدقوا مما جاء من الشارع. وعلى هذا التقدير يكون إتيان الإيمان المكلف به وهو تصديق الشارع في جميع ما علم المكلف بامتناع وقوعه منه إلا أن هذا التقدير ليس واجب الوقوع فإن المطلوب بالتكليف هو الإيمان بجميع ما جاء من الشارع إجمالا وهو واقع ممكن الوقوع في نفسه بأن آمنوا من غير أن يعلموا نزول هذه الآية في حقهم، فإن علام الغيوب علم منهم أنهم لا يؤمنون وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك كما أخبر نوحا عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: أنه لن يؤمن من قومك إلا
Bogga 234