225

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

والآية مما احتج به من جوز تكليف ما لا يطاق فإنه سبحانه وتعالى أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون وأمرهم بالإيمان فلو آمنوا انقلب خبره كذبا، وشمل إيمانهم الإيمان بأنهم لا بين اسم «إن» وخبرها وكون ما قبلها جملة مبني على أن يكون قوله: سواء خبرا لما بعده لأنه إذا كان خبر «إن» وكان ما بعده مرفوعا به على الفاعلية، وكان المعنى إن الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه لا يكون جملة فلا يكون اعتراضا، لأن الاعتراض عند الجمهور عبارة عن أن يورد في أثناء كلام أو بين كلامين متصلين معنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب. والمراد بالحكم في قوله: «بما هو علة الحكم» هو الحكم بأنهم لا يؤمنون، والمراد بعلة الحكم عدم نفع الإنذار لهم لقساوة قلوبهم وشدة عنادهم فهو علة لعدم إيمانهم. قوله: (والآية مما احتج به من جوز تكليف ما لا يطاق) ذهب جمهور المحققين إلى أن التكليف بالممتنع لذاته كالجمع بين الضدين وإعدام القديم غير جائز، وذهب الأشعري إلى جوازه وعدم وقوعه. وأما التكليف بالممتنع لغيره كالمتنع لسبب انتفاء شرط وجوده كانتفاء آلة الكتابة وانتفاء المحل القابل لنقش الخط أو لسبب وجود مانع مع كونه ممكنا في نفسه فغير واقع عند الجمهور، وذهب الأشعري إلى وقوعه. وأما التكليف بما علم الله تعالى أنه لا يقع أو خبر بذلك كبعض التكاليف المتعلقة بطاعة العصاة وإيمان الكفرة فإنه واقع إجماعا، أما عند المعتزلة فلأنه مما يطاق عندهم بمعنى أن العبد قادر على القصد إليه باختياره فإن الطاقة والاستطاعة قبل الفعل عندهم، وأما عند الشيخ الأشعري فلأنه مما لا يطاق لكون الاستطاعة مع الفعل عنده ومع ذلك هو مما كلف به كإيمان أبي جهل فإنه محال وممتنع بالغير لكنه مكلف به. ذكر في شرح المقاصد: أن القدرة المعتبرة في التكليف هي سلامة الأسباب والآلات لا الاستطاعة التي لا تكون إلا مع الفعل ولو اعتبرت هذه الاستطاعة لكان جميع التكاليف تكليفا بما لا يطاق وليس كذلك. واحتج من جوز تعلق التكليف بما لا يطاق بهذه الآية من وجهين: الأول أنه سبحانه وتعالى أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون مع أنه سبحانه وتعالى كلفهم بالإيمان فلو وقع إيمانهم لزم محالان: الأول أن يكون خبر الله تعالى أنهم لا يؤمنون خبرا كاذبا، والثاني أن يكون علمه تعالى بذلك جهلا وكل واحد من الكذب والجهل محال على الله سبحانه وتعالى، وما لزم من فرض وقوعه محال يكون محالا، فصدور الإيمان منهم محال وقد كلفوا به وذلك التكليف تكليف بالمحال وبما لا يطاق فثبت مطلوب من جوز وقوعه. والثاني أنه تعالى كلفهم بالإيمان وهو تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما علم مجيئه به ومن جملة ذلك قوله تعالى: لا يؤمنون فتكليفهم بالإيمان تكليف لهم بأن يجمعوا بين النفي والإثبات، ولا شك أن الجمع بين النقيضين محال. ولا يخفى أن هذا الدليل يدل على وقوع التكليف بما لا يطاق حيث قال: أمرهم

Bogga 231