Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
الاستواء كما جردت حروف النداء عن الطلب لمجرد التخصيص في قولهم: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة. والإنذار التخويف أريد به التخويف من عذاب الله وإنما اقتصر عليه دون البشارة لأنه أوقع في القلب وأشد تأثيرا في النفس من حيث إن دفع الضرر أهم من جلب النفع، فإذا لم ينفع فيهم كانت البشارة بعدم النفع أولى. وقرىء أأنذرتهم بتحقيق الهمزتين وتخفيف الثانية بين بين وقلبها ألفا وهو لحن، لأن المتحركة لا تقلب ولأنه يؤدي إلى جمع الساكنين على غير حده وبتوسيط ألف بينهما محققتين وبتوسيطها، والثانية بين بين وبحذف الاستفهامية وبحذفها وإلقاء حركتها على الساكن قبلها.
عن معنى الاستفهام فلم يبق ما يبنى عليه. قوله: (والإنذار التخويف) يعني أنه في اللغة مطلق التخويف. والمراد هنا التخويف من عذاب الله سبحانه وتعالى على طريق استعمال المطلق في المقيد والتخويف منه لا يكون إلا بإعلام ما يؤدي إليه ويكون سببا له. قوله:
(وإنما اقتصر عليه دون البشارة) أي متجاوزا على ذكر البشارة لا بطريق الاقتصار على ذكرها بأن لم يذكر الإنذار ويقال بدل ذكره أبشرتهم أم لم تبشرهم ولا بأن يذكرا معا. ومحصول ما ذكره في وجه الاقتصار على ذكر عدم نفع الإنذار أن عدم نفع البشارة يعلم من ذكر عدم نفع الإنذار بطريق دلالة النص كما يعلم حرمة ضرب الأبوين وشتمهما من حرمة التأفيف المستفادة من قوله تعالى فلا تقل لهما أف [الإسراء: 23] وذلك أنه إذا لم ينفع الإنذار المؤدي إلى دفع الضرر كانت البشارة أولى بعدم النفع. وأيضا التبشير المطلق منوط بصفة الإيمان والذين كفروا ليسوا بأهل التبشير بل هم أهل الإنذار المطلق والتبشير المعلق بالإيمان. قوله: (وقرىء أأنذرتهم بتحقيق الهمزتين) المراد تحقيقهما من غير توسيط الألف بينهما، وكذا المراد بتخفيف الثانية تخفيفها من غير توسيط الألف. والقراءة الأولى للكوفيين وابن عامر برواية ابن ذكوان، وباقي القراء السبعة وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو قرؤوا بتخفيف الهمزة الثانية بجعلها بين الهمزة والألف؛ إلا أن أبا عمرو ونافعا في رواية قالون عنه يسهلان الثانية ويدخلان قبلها ألفا لتفصيل بينهما وتمنع من اجتماعهما، لأن الثانية وإن سهلت لا تخلو عن الثقل، بخلاف ابن كثير فإنه يسهل الثانية ولا يدخل بينهما ألف الفصل لزوال ثقل الهمزة الثانية بتخفيفها بين بين فلم يحتج إلى ما يمنع اجتماعهما. وأن ورشا صاحب قالون في الرواية عن نافع اختلف أصحابه عنه في كيفية تخفيف الهمزة الثانية، فأما أصحابه البصريون رووا عنه إبدالها ألفا وأصحابه البغداديون رووا عنه تسهيلها بين بين من غير إدخال ألف الفصل بين الهمزتين في كتال الروايتين. وأن هشاما وهو أحد راويي ابن عامر قرأ الهمزة الثانية على وجهين تسهيلها وتحقيقها مع إدخال ألف الفصل على التقديرين.
وهذا كله مستفاد من رموز الشيخ الشاطبي رحمه الله. فهذه القراءات الخمس من السبعة وهي
Bogga 228