Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
وجد، ولم يلزم من حدوث تعلقه بكونه قد وجد حدوث علم الله تعالى. فإنه سبحانه وتعالى مطلع على جميع المعلومات من ذواتها وأحوالها على ما هي عليها في أنفسها علما حضوريا لا يغيب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض بل هو بكل شيء عليم مستمرا دائما أزلا وأبدا لا يتغير علمه ولا يتجدد بتغير المعلومات وتجدد أحوالها لأن تجددها وتغير أحوالها إنما يستلزم تجدد تعلقات علمه الأزلي، وتجدد تعلقات علمه لا يستلزم تغير علمه في نفسه بل هو عالم بجميع المعلومات في الأزل على ما هو عليه في نفس الأمر. وما ثبت قدمه يمتنع عدمه فلا يزول العلم الثابت له في الأزل بل تتجدد تعلقاته على حسب تجدد المعلومات، وحدوث التعلق لا يستلزم حدوث العلم المتعلق فكذا حال كلامه النفسي فإنه أزلي حاك للأشياء على ما هي عليه ومخبر عنها إخبارا لا يتصف بكونه ماضيا أو حالا أو مستقبلا لعدم الزمان في الأزل. فإخبار الله سبحانه وتعالى بكفر الكفرة قبل وجودهم إخبار في الأزل بأنهم سيكفرون وبعد أن وجدوا واتصفوا بالكفر صار ذلك الخبر خبرا بأنهم قد كفروا، ولا يلزم من حدوث ذلك الخبر بتحقق الكفر منهم تغير نفس الكلام الأزلي وحدوثه. واعلم أن المعتزلة ينكرون الكلام النفسي ويقولون كلام الله تعالى عبارة عن الألفاظ المركبة من الحروف والأصوات بناء على أن الكلام في الشاهد عبارة عن الألفاظ المركبة منهما فيكون في الغائب عبارة عنهما أيضا، فيكون كلامه تعالى عندهم حادثا غير قائم بذاته تعالى بل يقوم بغيره من ملك أو لوح محفوظ أو نبي مرسل أو غير ذلك. ومعنى كونه متكلما أن يخلق في غيره من الأجسام المذكورة هذه الحروف والألفاظ المركبة منها على وجه مخصوص أو أن يوجد أشكال الكتابة في اللوح. وأنت خبير بأن المتكلم من قام به الكلام لا من أوجده كما أن المتحرك من قامت به الحركة، ونحن لا ننكر ما قالت به المعتزلة بل نقول به وتسميه كلاما لفظيا وتعترف بكونه حادثا غير قائم بذاته تعالى، ولكنا أثبتنا وراء ذلك أمرا آخر هو المعنى القائم وتقول إن كلام الله تعالى اسم مشترك بين الكلام النفسي القديم.
ومعنى إضافته إليه تعالى كونه صفة لله تعالى قائمة بذاته وبين الكلام اللفظي الحادث المؤلف من الأصوات والحروف، ومعنى الإضافة أنه مخلوق لله تعالى ليس من تأليف المخلوقين فلما كان كلام الله حقيقة في كل واحد من الكلام النفسي واللفظي لا إنه حقيقة في الأول مجاز في الثاني، لم يصح نفي كلام الله عن النظم المؤلف، بأن يقال إنه ليس كلام الله ولم يلزم أيضا أن لا يكون المعجز المتحدى به حقيقة وهو النظم المؤلف كلام الله تعالى. ولما كان كلام الله سبحانه وتعالى عند المعتزلة منحصرا في الألفاظ المركبة من الحروف والأصوات ذهبوا إلى أنه حادث ودلائل حدوثه كثيرة منها: أنه أعراض حادثة مشروط حدوث
Bogga 221