Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
بالغيب داخلون معهم في جملة المتقين دخول أخصين تحت أعم، إذ المراد بأولئك الذين آمنوا عن نشرك وإنكار وبهؤلاء مقابلوهم فكانت الآيتان تفصيلا للمتقين. وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما: أو على المتقين. وكأنه قال: هدى للمتقين عن الشرك والذين آمنوا من أهل الملل. ويحتمل أن يراد بهم الأولون بأعيانهم، ووسط العاطف كما وسط في قوله:
إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتبية في المزدحم
وقوله:
يا لهف زيابة للحارث الصابح
إليك وما أنزل من قبلك ولم يتطرق إليهم الشرك أصلا وهم مؤمنو أهل الكتاب. والوجه الثالث أن يكون معطوفا على الموصول الأول مع كون المعطوف والمعطوف عليه متحدين بالذات ومتغايرين بحسب الأوصاف وذكره المصنف بقوله: «ويحتمل أن يراد بهم الأولون بأعيانهم» فيكون كل واحد من الموصولين داخلا في جملة المتقين لا كدخول أخصين تحت أعم، إذ لا تغاير بينهما بحسب الذات بين أن وجه العطف تغاير الصفات. واستشهد بالبيت الأول على جريان مثل هذا العطف بالواو وبالبيت الثاني على جريانه في العطف بالفاء.
والقرم الفحل المكرم الذي لا يركب ولا يحمل عليه ثم سمي به سيد القوم، والهمام اسم من أسماء الملوك الذين عظمت همتهم وكانوا بحيث إذا هموا لا يقدر أحد على صرفهم عما هموا به، والكتيبة الجيش، والمزدحم موضع الازدحام من ازدحم القوم إذا وقع بعضهم على بعض ومنه قيل للمعركة: مزدحم لأنه موضع المزاحمة. ومعنى البيت إلى الملك الجامع للسيادة وشرف النسب وكمال الشجاعة. والبيت الثاني لابن زيابة قاله تحرقا على ما فعل الحارث بقومه فإنه الذي غزاهم وصبحهم وغنم منهم وآب إلى قومه سالما كأنه قال: يا حسرة أبي من أجل الحارث فيما حصل له من مراده واتصف به من الصفات المتعاقبة في الحصول. فإن عطفها بالفاء للدلالة على الاتصاف بها أي الذي صبح فغنم فآب أي رجع بالسلامة والغنيمة والصبح الإغارة صباحا، واللهف كلمة استغاثة يتحسر بها على ما فات.
يقال: لهف يلهفا لهفا أي حزم وتحسر وهو من باب علم يعلم، واللهف لا يرد شيئا مما فات. قال الشاعر:
فلست بمدرك ما فات مني ... بلهف ولا بليت ولا لواني
قيل: إن ابن زيابة قال هذا البيت استهزاء بالحارث بن همام، حين قال الحارث:
يا ابن زيابة أن تلقني ... لا تلقني في النعم العازب
وتلقني يشد بي أجرد ... يستقدم البركة كالراكب
Bogga 194