Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
عليه لمنع المكلف عن الإسراف المنهي عنه. ويحتمل أن يراد به الإنفاق من جميع المعاون التي آتاهم الله من النعم الظاهرة والباطنة، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: «إن علما لا يقال به ككنز لا ينفق منه». وإليه ذهب من قال: ومما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون.
بأن الرازق هو الله تعالى يرزق من يشاء بغير حساب، وأن الإنفاق لا يورث الفقر وأن الإمساك لا يوجب السعة، بل شأنهم أنهم لا يثقون بما في أيديهم ولا ينظرون إليه من حيث إنهم كسبوه بكد يمينهم بل يثقون بما في خزائن الله وينظرون إلى ما في أيديهم من حيث إنه رزق ساقه الله إليهم بفضله وبرحمته، ويعلمون أنهم لا ينفقون شيئا منه في سبيل الخير إلا وهو سبحانه وتعالى يعطيهم خيرا منه. فتعلق إنفاقهم، مع قطع النظر عن كونه كل ما رزقوه أو بعضه، لما كان مشعرا بعلة إقدامهم على الإنفاق وهي علمهم بأنه رزق ساقه الله بفضله كان أهم فلذلك قدم مع ما فيه من حث من بعدهم على الإنفاق، نبههم على أن الله سبحانه وتعالى هو المعطي والمانع وأنه يرزق من يشاء بمحض إرادته وحكمته. وتسمية الجار والمجرور مفعولا يشعر بأن المفعول به الصريح لا يقدر معه مع أن المشهور في مثله أن يكون المفعول مقدر أو يكون الجار والمجرور في محل النصب على أنه صفة لذلك المقدر، والتقدير وبعضا أو شيئا مما رزقناهم ينفقون، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه إلا أن المصنف سماه مفعولا على الإطلاق نظرا إلى المعنى فإن المعنى وبعض ما رزقناهم ينفقون وإن كان بحسب اللفظ صفة لمحذوف. قوله: (ويحتمل أن يراد به الإنفاق من جميع المعاون التي آتاهم الله) لما ذكر أن الظاهر من إنفاق ما رزقهم الله صرف المال على وجوه الخير ذكر احتمال أن يراد به الإنفاق من جميع مواضع العون سواء كان مما يستعان به في تقوية الأبدان من النعم الظاهرة أو تقوية النفوس والأرواح من النعم الباطنة كالمعارف والعلوم والجاه، فإن لفظ الرزق يتناول الكل والمقام يقتضي إبقاءه على إطلاقه. ويؤيد هذا الاحتمال قوله عليه الصلاة والسلام: «أن علما لا يقول به ككنز لا ينفق منه». وقوله عليه الصلاة والسلام: «من سئل عن علم ثم كتمه ألجم يوم القيامة بلجام من النار». ولهذا قيل:
الجود بالنفس أقصى غاية الجود
وعدو الشجاعة وبذل الجاه وبذل العلم من الجود. وقيل:
بحر يجود بماله وبجاهه ... والجود كل الجود بذل الجاه
وقال الحكيم: الجود التام بذل العلم فإن متاع الدنيا عرض زائل ينقصه الإنفاق والعلم بالضد منه فإنه دائم وباق ويزداد بالإنفاق. والمعاون جمع عون وهو اسم لموضع العون وهو
Bogga 192