185

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

والخروج. والظاهر من إنفاق ما رزقهم الله صرف المال في سبيل الخير من الفرض والنفل. ومن فسره بالزكاة ذكر أفضل أنواعه والأصل فيه أو خصصه بها لاقترانه بما هو شقيقها، وتقديم المفعول للاهتمام به وللمحافظة على رؤوس الآي وإدخال من التبعيضية والذهاب. قوله: (والظاهر الخ) وجه الظهور أن لفظ الإنفاق مطلق يتناول جميع وجوه الإنفاق، وذكره في مقام الإنفاق قرينة تخصصه بكونه في سبيل الخير لأنه الذي يكون سببا للمدح والإنفاق في سبيل الخير يعم الإنفاق الواجب والإنفاق المندوب، ولا قرينة تخصصه بأحدهما فبقي على عمومه. ومن صرفه عن ظاهره وفسره بالزكاة نظر إلى أنه ذكر مقارنا لذكر الصلاة، والزكاة هي التي تذكر في جنب الصلاة في مواضع شتى من القرآن وذلك يدل على أن المراد بالإنفاق ههنا هو الزكاة أيضا. ويحتمل أن يكون تفسيره بالزكاة من قبيل تخصيص أشرف نوعيه وهما الفرض والنفل العام وما هو الأصل من أنواعه بالذكر مع بقاء الإنفاق المذكور ههنا على عمومه لا على طريق تخصيصه بالزكاة لاقترانه بما هي شقيقتها أي أختها التي هي الصلاة، فإنهما بمنزلة الأختين من حيث إنهما أصلان مبينان لسائر العبادات أو مذكورتان معا في أكثر المواضع. وإذا شق الشيء نصفين يقال لكل واحد منهما إنه شقيق الآخر، ومنه قيل: فلان شقيق فلان أي أخوه كذا في الصحاح.

قوله: (وتقديم المفعول للاهتمام به) وجه الاهتمام دلالته على الحصر والتخصيص أعني حصر الإنفاق في بعض المال الحلال فإن «من» تبعيضية، فالمعنى بعض ما رزقناهم ينفقون لا كله كذا في الحواشي السعدية. قال الشريف نور الله مرقده: أما كونه أهم فلقصد معنى الاختصاص، كذا في الحواشي السعدية، مع رعاية الفاصلة. ثم قال: لا يقال «من» التبعيضية تغني عن التقديم للتخصيص فإن إنفاق البعض يتبادر منه عدم الشمول فلذلك كان فيه صيانة وكف عن الإسراف لأنا نقول يجوز مع إنفاق البعض الشمول مع أنه محتمل مرجوح، فإذا قدم زال الاحتمال بالكلية يرشدك إلى ذلك تأملك في الفرق بين قوليك: أنفق زيد بعض ماله، وبعض ماله أنفق. انتهى كلامه. يعني لو أخر المفعول. وقيل: ينفقون بعض ما رزقناهم يكون تصريحا بأنهم ينفقون بعض ما رزقوه مع السكوت عن الباقي فيكون إنفاق الباقي أيضا محتملا، ولو كان ذلك الاحتمال احتمالا مرجوحا بخلاف ما إذا قدم المفعول فإنه لإفادته التخصيص يدل على أن المتصدق به إنما هو بعض المال الحلال، فيحصل المقصود وهو مدحهم بالتجنب عن الإسراف المنهي عنه وكف من بعدهم عنه.

وظهر أن إدخال «من» التبعيضية عليه لا يغني عن التقديم لقصد التخصيص إلا أن قول المصنف «وإدخال من التبعيضية عليه للكف عن الإسراف المنهي عنه» يدل على أن وجه الاهتمام بمفعول الإنفاق إنما هو دلالته على أن العلة الحاملة لهم على الإنفاق هي جزمهم

Bogga 191