Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
الانتفاع به وأمر بالزجر عنه، قالوا: الحرام ليس برزق ألا ترى أنه تعالى أسند الرزق ههنا إلى نفسه إيذانا بأنهم ينفقون الحلال الطلق فإن إنفاق الحرام لا يوجب المدح، وذم المشركين على تحريم بعض ما رزقهم الله تعالى بقوله: قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا [يونس: 59]. وأصحابنا جعلوا الإسناد للتعظيم هذا الدليل العقلي بدليلهم النقلي وجهان: الأول ما ذكره بقوله: «ألا ترى أنه سبحانه وتعالى أسند الرزق ههنا إلى نفسه» يعني أنه سبحانه وتعالى أسند الرزق بمعنى تمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء إلى نفسه وهذا الإسناد يستلزم أن لا يكون الحرام رزقا لأن التمكين من الانتفاع بالحرام قبيح. ومن أصولهم أن التمكين من القبيح قبيح لا يجوز أن يسند إليه تعالى مع أنه تعالى مدحهم على الإنفاق بقوله: ومما رزقناهم فلو كان الحرام رزقا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام وذلك باطل بالاتفاق. قوله: (فإن إنفاق الحرام لا يوجب المدح) تعليل لوجه الإيذان. وفي الحواشي الشريفية: لا خلاف بين أهل السنة والجماعة والمعتزلة في أن المراد بما رزقناهم الحلال إلا أن أهل السنة والجماعة لما سموا الحرام رزقا وأسندوا الأشياء كلها إلى الله سبحانه وتعالى تمسكوا في ذلك بأن المدح والاتصاف بالتقوى يدلان على أن الإنفاق من الحلال، وكذا الإسناد إلى الله تعالى فإنه عند الإطلاق ينصرف إلى ما هو أفضل وأكمل. وأما المعتزلة فلا يسمون الحرام رزقا ولا يجوزون إسناده إليه لتعاليه عن القبائح فلفظ الرزق وإسناده إليه سبحانه وتعالى دليلان لهم على أن المنفق ههنا هو الحلال الطلق أي الخالص الطيب. والثاني ما أشار إليه بقوله:
«وذم المشركين» وهو معطوف على قوله: «أسند» وتقريره أنه سبحانه وتعالى ذم المشركين على تحريم بعض ما رزقهم الله تعالى بقوله سبحانه: قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون [يونس: 59] فإن هذه الآية تدل على أن من حرم رزق الله سبحانه وتعالى فهو مفتر عليه وهو باطل فتعين أن ليس شيء من رزق الله سبحانه وتعالى بحرام. قوله: (وأصحابنا جعلوا الإسناد للتعظيم) جواب عن قولهم إن إسناد الرزق إلى الله تعالى للإشعار بأنه لا يكون إلا حلالا بناء على أن القبائح لا تسند إليه تعالى. وتقرير الجواب أن تخصيص الرزق بالحلال في هذه الآية وإسناده إليه تعالى لا يدل على أن الحرام ليس برزق كما أن تخصيص اسم العباد بالمتقين في قوله تعالى: عينا يشرب بها عباد الله [الإنسان: 6] لا يدل على أن الكفار ليسوا بعباد بل تخصيصه بالعباد وإسناده إليه سبحانه وتعالى لفائدتين: الأولى تشريف الحلال وتعظيمه كما أن الإضافة في «بيت الله» و «ناقة الله» وعباد الله، كذلك لا لعدم كون ما عدا المضاف إليه تعالى خارجا من المراد. والثانية التحريض على الإنفاق فإن رذيلة الإنسان إنما تنشأ غالبا من
Bogga 188