Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
قوله تعالى: (ومما رزقناهم ينفقون) مما جار ومجرور متعلق بقوله: ينفقون وهو معطوف على الصلة قبله و «ما» المجرورة تحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون اسما بمعنى «الذي» وقوله: رزقناهم صلتها فلا يكون له محل من الإعراب والعائد محذوف والتقدير: وينفقون الذي رزقناهم إياه، وثانيها أن تكون نكرة موصوفة بمعنى شيء فيكون قوله: رزقناهم في محل الجر على أنه صفة «لما» والعائد محذوف أيضا، وثالثها أن تكون مصدرية ويكون المصدر واقعا موقع المفعول أي من مرزوقنا. واعترض على هذا الوجه بأن يستلزم أن يكون المعنى المصدري مما يتعلق به الإنفاق، وجوابه ما تقدم من أن المصدر يراد به المفعول. قوله: (الرزق في اللغة الحظ) وهو النصيب المخصوص بصاحبه إنسانا كان أو غيره فيتناول زرق الدواب لأنه مخصوص بها حيث يقال الجل: للفرس. وهذا التفسير مبني على أن يكون الرزق بمعنى المرزوق، وإن كان بمعنى اسم المصدر يفسر بأنه إخراج حظ إلى آخر ينتفع به. واستشهد على كون الرزق بمعنى الحظ مطلقا بقوله تعالى:
وتجعلون رزقكم [الواقعة: 82] أي حظكم من هذا الأمر أنكم تكذبون [الواقعة: 82] أي تكذيبكم إياه. قوله: (والعرف خصصه بتخصيص الشيء بالحيوان للانتفاع به وتمكينه منه) فالرزق بهذا المعنى اسم لمصدر وليس بمعنى المرزوق إلا أن يفسر بما يصح أن ينتفع به الحيوان سواء انتفع به بالفعل أو لا أي لا ينتفع به الحيوان بالفعل، ووجه خصوص ما ذكره من التعريف بالنسبة إلى الحظ وإن كان مختصا بصاحبه إلا أنه لم يعتبر فيه كون ذلك الاختصاص بتخصيص الغير ذلك الحظ به، ولم يعتبر فيه أيضا أن يكون اختصاصه به بأن ينتفع به صاحبه ويتمكن من الانتفاع به . قوله: (وتمكينه) مجرور معطوف على تخصيص الشيء وليس المراد بتمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء المرزوق أن يجوز له الانتفاع به بأن يجعله مباحا له وإلا يلزم أن لا يكون الحرام رزقا لانعدام التمكين بالمعنى المذكور فيه، فيخرج الحرام عن تعريف الرزق مع أنه رزق عند أهل السنة، بل المراد من تمكينه من الانتفاع به أن يخلق فيه داعية الميل إليه وقوى وأسبابا يتمكن بها من الانتفاع به سواء جوز له ذلك وأباحه له أو حظره ونهاه عنه. فإنه يصح عندنا أن يمكن الله العبد من الانتفاع بالحرام بإلقاء ميله الطبيعي إليه وإبقاء سلامة قواه وأسباب الانتفاع به على حالها مع أنه حرم ذلك عليه ونهاه عنه، بخلاف المعتزلة فإنهم استحالوا على الله تعالى أن يمكن العبد من الانتفاع بالحرام لأن التمكين من الانتفاع به قبيح فلا يصح إسناده إليه تعالى وكيف يمكنه من الانتفاع به وقد نهاه عنه ومنعه منه؟ فلا يكون الحرام رزقا عندهم لأن تمكين الحيوان من الانتفاع به معتبر في مفهوم الرزق وما يكون ممنوعا من الانتفاع به لا يكون ممكنا من الانتفاع به. وأيد
Bogga 187