176

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

ويقيمون الصلاة أي يعدلون أركانها ويحفظونها من أن يقع زيغ في أفعالها من أقام العود إذا قومه، أو يواظبون عليها، من قامت السوق إذا نفقت، وأقمتها إذا جعلتها نافقة. قال: شعر:

أقامت غزالة سوق الضراب ... لأهل العراقين حولا قميطا

فإنه إذا حوفظ عليها كانت كالنافق الذي يرغب فيه وإذا ضيعت كانت كالكاسد المرغوب عنه، أو يتشمرون لأدائها من غير فتور ولا توان من قولهم قام بالأمر وأقامه إذا جد فيه وتجلد وضده قعد عن الأمر وتقاعد. أو يؤدونها عبر عن الأداء بالإقامة لاشتمالها قوله: (أي يعدلون أركانها) ويفعلونها سالمة عن الاعوجاج والميل عن الحالة التي شرعت عليها ذكر لإقامة الصلاة أربعة معان كونها من إقام العود بمعنى قومه وسواه بحيث لم يبق فيه اعوجاج أصلا، أو من قامت السوق إذا نفقت وكانت رائجة بحيث اجتمع فيها أنواع الأمتعة والراغبين فيها. فعلى هذين الوجهين يكون يقيمون استعارة تبعية شبهت تسوية الصلاة التي هي من قبيل الأفعال بتسوية الأجسام وإقامتها فاستعمل لفظ الإقامة في تسوية الصلاة، ثم اشتق منها يقيمون هذا على الوجه الأول. وأما على الوجه الثاني فقد شبهت المحافظة والمداومة على الصلاة بترويج السوق وإقامتها من حيث إن كل واحد منهما يبني على الاهتمام بشأن متعلقة والرغبة فيه، ثم أطلق لفظ الإقامة على المواظبة والمداومة واشتق منه يقيمون فصار لفظ المشتق أيضا استعارة تبعا للمأخذ. ثم اعلم أن كل واحد من تقويم العود وترويج السوق معنى عرفي للإقامة، ومعناه اللغوي جعل الشيء قائما على طوله غير ساقط على عرضه فإن القيام هو الانتصاب والإقامة أفعال منه والهمزة للتعدية، ثم نقل لفظ الإقامة تارة إلى تقويم العود فقيل: أقام العود إذا قومه أي سواه وأزال اعوجاجه فصار شيئا مستقيما شبه القائم فكانت حقيقة عرفية في تسوية الأجسام، ثم استعير منها لتسوية الأفعال والمعنى كتعديل أركان الصلاة على ما هو حقها ولو كانت مجازا في تسوية الأجسام لما جاز أن يستعار منها لتسوية الأفعال إذ لا وجه للمجاز من المجاز. وتارة لإنفاق السوق وترويجها فقيل: قامت السوق أي نفقت وراجت وأقمتها أي جعلتها رائجة، فإن رواج السوق كانتصاب الشخص في حسن الحال والظهور التام فاستعمل لفظ القيام في رواجها ولفظ الإقامة في ترويجها، فكانت الإقامة حقيقة عرفية فيه ثم استعيرت منه للمداومة على الشيء تشبيها لها به في أن كلا منها مبني على الرغبة والاهتمام بشأن متعلقه. واستشهد على استعمال الإقامة في ترويج السوق بقول الشاعر:

(أقامت غزالة سوق الضراب ... لأهل العراقين حولا قميطا)

Bogga 182