173

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

وللمانع أن يجعل الذم للإنكار لا لعدم الإقرار للمتمكن منه. والغيب مصدر وصف به للمبالغة كالشهادة في قوله تعالى: عالم الغيب والشهادة [الأنعام: 73] والعرب تسمى المطمأن من الأرض غيبا، والخمصة التي تلي الكلية غيبا، المقصر من لا يعرف الحق لتقصيره في النظر الصحيح. ولما كان هذا الدليل في غاية الضعف للفرق الجلي بين الإقرار والسكوت على وجه المعاندة والامتناع فيه حين أن يطالب به وبين مجرد السكوت عنه من غير إباء وامتناع فإن الأول من أمارات الإنكار القلبي ودلائله دون الثاني، فذمه من هذه الحيثية لا يدل على كون الإقرار من حيث إنه إقرار ركنا من الإيمان أو شرطا من شروطه. أجاب عنه بقوله: «وللمانع أن يجعل الذم للإنكار» أي لكون سكوته عن الإقرار مع تمكنه منه ومطالبته به دليل الإنكار، ولو استدل بأن جمهور أهل الحق ذهبوا إلى كون الإقرار معتبرا حتى صار بحيث ادعى العلماء عليه انعقاد الإجماع لم يرد هذا المنع. قال الإمام الغزالي قدس الله سره: فإن قلت: قد اتفق السلف على أن الإيمان يزيد وينقص بالطاعة والمعصية فإذا كان التصديق هو الإيمان لا يتصور فيه زيادة ولا نقصان، فأقول: السلف هم الشهود العدول فاذكروه حق وإنما الشأن في فهمه وفي اتفاقهم على ذلك دليل على أن العمل ليس من أجزاء الإيمان وأركان وجوده بل هو أمر زائد عليه يزداد الإيمان به بعد تحققه في نفسه والشيء لا يزيد بذاته فلا يجوز أن يقال الإنسان يزيد برأسه بل يقال يزيد بلحيته ومقداره ونحو ذلك، ولا يجوز أيضا أن يقال الصلاة تزيد بركوعها وسجودها بل تزيد بالآداب والسنن، فهذا تصريح منهم بأن الإيمان له وجود ثم بعد وجوده يختلف حاله بالزيادة والنقصان.

قوله: (والغيب مصدر) يقال: غاب عنه غيبا وغيبة وغيابا وغيبوبة ومغيبا إلا أنه أقيم مقام اسم الفاعل في الآية للمبالغة، كما في رجل عدل وكما أقيم الشهادة مقام الشاهد في قوله سبحانه وتعالى: عالم الغيب والشهادة [الأنعام: 73] والمعنى يؤمنون بما هو غيب أي غائب خفي لا يدركه الحس ولا يقتضيه بداهة العقل وليس في قوله: «وصف به» ضمير بل الفعل مسند إلى الجار والمجرور فإن لفظ «به» هو القائم مقام الفاعل لوصف. قوله:

(تسمى المطمأن) صح بفتح الهمزة على أنه اسم مكان بمعنى موضع الطمأنينة والسكون لا اسم مفعول، لأن اطمأن لازم وقد يروى بكسر الهمزة على أنه اسم فاعل بمعنى النسبة مثل «تامر» و «لابن» أو على الإسناد المجازي مثل: عيشة راضية إلا أنه على هذا ينبغي أن يقال:

تسمى المطمئنة من الأرض لكونه صفة للأرض وهي مؤنث وذكر باعتبار المكان أو الموضع، فإذا فتحت الهمزة تكتب على صورة الألف هكذا «المطمأن» وإذا كسرت تكتب على صورة الياء هكذا «المطمئن». والخمصة منصوب معطوف على المطمأن وهي بفتح الخاء المعجمة

Bogga 179