Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [الأنعام: 82] مع ما فيه من قلة التغيير لأنه أقرب إلى الأصل وهو متعين الإرادة في الآية إذ المعدى بالباء هو التصديق وفاقا. ثم اختلف الآية: فمن عفي له من أخيه شيء [البقرة: 178] وهذه الأخوة ليست إلا أخوة الإيمان لقوله تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات: 10] وقال بعد ذلك: ذلك تخفيف من ربكم ورحمة [البقرة: 178] وهذا لا يليق إلا بالمؤمن وقال: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [الأنعام: 82] فإنه لا شك أن الظلم معصية وقد جعل لباسا للإيمان والظلم لا يقتضي رفع الملبوس به الملبوس له بل بقاءه واشتهاره به وقال: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا [التحريم: 8] والأمر بالتوبة لمن لا ذنب له محال. قوله: (مع ما فيه من قلة التغيير) إشارة إلى وجه رابع زائد على الوجوه الثلاثة السابقة. قوله: (لأنه أقرب إلى الأصل) علة لقلة التغيير أي مع ما في كون لفظ الإيمان موضوعا في الشرع للتصديق المقيد وهو التصديق بما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم من غير أن يعتبر معه الإقرار والعمل من قلة التغيير عن معناه اللغوي وهو التصديق مطلقا، فإن التغيير بمجرد التقييد قليل بالنسبة إلى التغيير بالتقييد وبضم أمرين آخرين إليه وهما الإقرار والعمل كما ذهب إليه من يجعل الإيمان في الشرع عبارة عن مجموع ثلاثة أمور، وذلك لأن التصديق المقيد أقرب إلى المعنى الأصلي من ذلك المجموع ومن التصديق المقيد بالإقرار كما ذهب إليه أكثر الحنفية. قوله:
(وهو متعين الإرادة في الآية) معطوف على قوله: «قلة التغيير» كأنه قال ومع ما فيه من أنه أي التصديق «متعين الإرادة» الخ بمعنى أنه لا يجوز أن يراد به المجموع لا بمعنى أنه لا يجوز أن يراد به غير التصديق أصلا. وذلك القصر المستفاد من قوله: «إذ» المعدى بالباء هو التصديق أي الإيمان بمعنى التصديق فالمراد به القصر الإضافي أي هو التصديق لا المجموع ولو حمل كل واحد من التعين والقصر على حقيقته للزم أن يكون قوله هذا منافيا لما سبق من قوله: «وكلا الوجهين حسن» في يؤمنون بالغيب للتعدية بالباء كما هو الظاهر، وأما إذا جعلت الباء للمصاحبة أو للآلة كما سيجوزون بعد فلا يتعين حينئذ كون الإيمان بمعنى التصديق بل يجوز كونه بمعنى المجموع أيضا. وفي تغيير الأسلوب بقوله: «مع ما فيه إشعار» بأن الوجهين الأخيرين من مخترعات نفسه.
قوله: (ثم اختلف الخ) يعني أن القائلين بأن لفظ الإيمان في الشرع موضوع للتصديق بما ذكر وحده اختلفوا في أن مجرد ذلك التصديق هل هو كاف في كون الشخص مؤمنا عند الله مستحقا لدخول الجنة وناجيا من الخلود في النار من غير أن يعبر بلسانه ويتلفظ بكلمتي الشهادة مع تمكنه منه بأن لا يمنع منه مانع كالخرس ونحوه بناء على أن التصديق القلبي هو المقصود من التكليف بالإيمان، واللسان إنما هو ترجمان عما في القلب من التصديق
Bogga 177