Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
والإقرار بالشهادتين قائم مقام الإقرار بحقيقة جميع ما علم بالضرورة أنه من دينه عليه الصلاة والسلام جامع له مفصح عنه. والسلف الصالحون من أهل السنة وإن نقل عنهم أن الإيمان مجموع الاعتقاد والإقرار والعمل وأنهم سموا من أخل بالأول فقط بأن أقر وعمل بما كلف به من غير أن يصدق به منافقا، ومن ترك الشهادة وما يقوم مقامها كإشارة الأخرس عامدا متمكنا منها سواء اعتقد وعمل أولا كافرا، ومن أخل بالعمل بأن ارتكب الكبيرة فاسقا إلا أن مرادهم بالإيمان المفسر بهذا المجموع هو الإيمان الكامل لإطباقهم على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان بخلاف الإيمان المفسر به عند الفرق الثلاث المذكورين، فإن المراد به عندهم أصل الإيمان قال الإمام الرازي نور الله مرقده في تفصيل الفرق الثلاث: أما الخوارج فقد اتفقوا على أن الإيمان بالله يتناول المعرفة بالله وبكل ما وضعه الله تعالى دليلا عقليا أو نقليا من الكتاب والسنة ويتناول طاعة الله تعالى في جميع ما أمر الله تعالى به من الأفعال ونهى عنه من الذنوب صغيرا كان أو كبيرا، فقالوا: مجموع هذه الأشياء هو الإيمان .
والإيمان إذا عدي بالباء فالمراد به التصديق ولذلك يقال: فلان آمن بالله وبرسوله يراد أنه صدق بهما، إذ لو كان المراد به أداء الواجبات لا يمكن فيه هذه التعدية فلا يقال: فلان آمن بكذا إذا صلى وصام بل يقال: آمن بالله إذا صلى وصام لله فالإيمان المعدى بالباء يجري على طريقة أصل اللغة. وأما إذا ذكر مطلقا غير متعد فقد اتفقوا على أنه منقول من المسمى اللغوي الذي هو التصديق إلى معنى آخر، ثم اختلفوا فيه على وجوه: أحدها أن الإيمان عبارة عن فعل كل الطاعات سواء كانت واجبة أو مندوبة أو من باب الأقوال أو الأفعال أو الاعتقادات وهو قول واصل بن عطاء وأبي الهذيل والقاضي عبد الجبار بن أحمد، وثانيها أنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون النوافل وهو قول أبي علي وأبي هاشم، وثالثها أن الإيمان عبارة عن اجتناب كل ما جاء فيه وعيد ثم يحتمل أن يكون من الكبائر وإن لم يرد فيه الوعيد، فالمؤمن عند الله كل من اجتنب كل الكبائر والمؤمن عندنا كل من اجتنب ما فيه الوعيد وهو قول النظام، ومن أصحابه من قال: شرط كونه مؤمنا عند الله وعندنا اجتناب كل الكبائر. وأما أهل الحديث فذكروا وجهين: الأول أن المعرفة إيمان كامل وهو الأصل ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة وهذه الطاعات لا يكون شيء منها إيمانا إلا إذا كانت مرتبة على الأصل الذي هو المعرفة، وزعموا أن الجحود وإنكار القلب كفر ثم كل معصية بعده كفر على حدة ولم يجعلوا شيئا من الطاعات إيمانا ما لم توجد المعرفة والإقرار ولا شيئا من المعاصي كفرا ما لم يوجد الجحود والإنكار لأن الفرع لا يحصل بدون ما هو أصل له وهو قول عبد الله بن سعيد الكلابي. والثاني أن الإيمان اسم للطاعات كلها وهو إيمان
Bogga 174