Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
والنبوة والبعث والجزاء، أو مجموع ثلاثة أمور اعتقاد الحق والإقرار به والعمل بمقتضاه الإيمان بالتصديق المذكور، واعتبر أكثر الحنفية معه إقرار اللسان. قال الإمام الرازي: الذين قالوا الإيمان بالقلب واللسان معا اختلفوا على مذاهب؟ الأول أن الإيمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه وعامة الفقهاء رحمهم الله تعالى، ثم إن هؤلاء اختلفوا في موضعين: أحدهما أنهم اختلفوا في حقيقة هذه المعرفة فمنهم من فسرها بالاعتقاد الجازم سواء كان اعتقادا تقليديا أو كان علما صادرا عن الدليل وهم الأكثرون الذين يحكمون بأن المقلد مسلم، ومنهم من فسرها بالعلم الصادر عن الاستدلال. وثانيهما أنهم اختلفوا في أن العلم المعتبر في تحقيق الإيمان أي علم قال بعض المتكلمين: هو العلم بالله تعالى وصفاته على سبيل الكمال والتمام. ثم إنه لما كثر الاختلاف للناس في صفات الله تعالى لا جرم أقدم كل طائفة على تكفير من عداهم من الطوائف، وقال أهل الإنصاف:
المعتبر هو العلم بكل ما علم بالضرورة كونه من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى هذا القول العلم بكونه سبحانه وتعالى عالما بعلم زائد على ذاته أو عالما بذاته وبكونه مرئيا أو غير مرئي لا يكون داخلا في مسمى الإيمان. وذكر أقوال الناس في مسمى الإيمان في عرف الشرع ثم قال: والذي نذهب إليه أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب. ونفتقر ههنا إلى شرح ماهية التصديق بالقلب فنقول: إن من قال العالم محدث فليس مدلول هذه الألفاظ كون العالم مدلولا بالحدوث بل مدلولها حكم ذلك القائل بكون العالم حادثا فالحكم بثبوت الحدوث للعالم مغاير لثبوت الحدوث للعالم في نفس الأمر؛ فهذا الحكم الذهني بالثبوت أو الانتفاء أمر يعبر عنه في كل لغة بلفظ خاص فاختلاف الصيغ والعبارات مع كون الحكم الذهني أمرا واحدا يدل على أن الحكم الذهني مغاير لهذه الصيغ والعبارات ولأن هذه الصيغ دالة على ذلك الحكم والدال غير المدلول. ثم نقول: هذا الحكم الذهني غير العلم لأن الحاصل بالشيء غير ذلك الشيء فعلمنا أن هذا الحكم الذهني مغاير للعلم، فالمراد من التصديق بالقلب أن يذعن لذلك الحكم بقلبه.
قوله: (أو مجموع ثلاثة أمور) مرفوع معطوف على قوله: «فالتصديق بما علم» أنه يعني أن الإيمان في عرف أهل الشرع وهم جمهور المحدثين والمعتزلة والخوارج مجموع ثلاثة أمور. وأراد بالحق الحكم الثابت بالشرع سواء كان نظريا مقصودا في نفسه غير متعلق بكيفية العمل كالأحكام المتعلقة بأحوال المبدأ والمعاد أو عمليا متعلقا بكيفية العمل كالأحكام المتعلقة بأفعال ابن آدم. فإن المؤمن يجب أن يعتقد بكل واحد منهما أي يجزم به ويذعن له بقلبه ويقربه بلسانه وأن يعمل بمقتضاه، وإن كان متعلقا بكيفية العمل كان المقصود منه ذلك العمل فضمير «به ومقتضاه» راجع إلى الحق. وما ذكر من الإقرار باللسان يسمى شهادة
Bogga 173