Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
وتعديته بالباء لتضمينه معنى الاعتراف، وقد يطلق بمعنى الوثوق من حيث إن الواثق بالشيء صار ذا أمن منه ومنه: ما آمنت أن أجد صحابة. وكلا الوجهين حسن في يؤمنون بالغيب. وأما في الشرع فالتصديق بما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم كالتوحيد من التكذيب لازم للتصديق ولفظ الإيمان موضوع للازم فإذا استعمل في معنى الوثوق فقد استعمل فيما هو لزوم لأصل معناه. قوله: (وتعديته بالباء) يعني أن الإيمان بمعنى التصديق حقه أن يتعدى بنفسه بأن يقال: آمنته أي صدقته إلا أنه عدي بالباء. وقيل: آمنت به لتضمنه معنى الاعتراف والإقرار فإنك إذا صدقت شيئا فقد اعترفت به والتضمين أن يقصد بلفظ فعل معناه الحقيقي ويلاحظ معه معنى فعل آخر يناسبه ويدل عليه بذكر شيء من متعلقات الآخر كقولك: أحمد إليك فلانا فإنك لاحظت مع الحمد معنى الإنهاء ودلت عليه بذكر صلته أي كلمة «إلى» أي أحمد منهيا إليك حمدي إياه كذا في الحواشي الشريفية. قيل عليه: والأحسن أن يقال: ويدل على الفعل الآخر إما بذكر شيء من متعلقات الأول كما في قولهم: هيجي شوقا بحذف صلة هيجني. قال صاحب الكشاف: من شأنهم أنهم يضمنون الفعل معنى آخر فيجرونه مجراه فيقولون: هيجني شوقا متعديا إلى مفعولين بنفسه، وإن كان حقه أن يتعدى إلى الثاني ب «إلى» ويقال: هيجه إلى كذا لتضمنه معنى ذكر. هذا كلاه. فقد صرح بأن الفعل الآخر لم يدل عليه بذكر شيء من متعلقاته بل بحذف صلة الفعل الأول، قال المولى التفتازاني رحمه الله: فإن قيل: الفعل المذكور إن كان مستعملا في معناه الحقيقي فلا دلالة على الفعل الآخر وإن كان في معنى الفعل الآخر فلا دلالة على المعنى الحقيقي فلا تضمين ههنا على التقديرين، وإن كان مستعملا فيهما جميعا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، قلنا:
هو في معناه الحقيقي مع حذف حال مأخوذ من الفعل الآخر اعتمادا على قيام القرينة اللفظية الدالة على المحذوف فقولك: أحمد إليك فلانا معناه أحمده منهيا إليك حمده فإن المعنى الآخر فيه مراد بلفظ محذوف دل عليه بذكر ما هو من متعلقاته وإن الفعل المذكور أصل فيه والمحذوف قيد له على أنه حال من فاعله، ونحوه قوله تعالى: ولتكبروا الله على ما هداكم [البقرة: 185] كأنه قيل: ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم وقوله تعالى: يقلب كفيه على ما أنفق فيها [الكهف: 42] أدخل فيه كلمة «على» لما ضمنه معنى الندم أي نادما على إنفاقه. وقد يعكس ويجعل المتروك أصلا والمذكور حالا وتبعا كما فيما نحن فيه أي يعترفون مؤمنين فإنه لما اعتبر يعترفون به ليكون متعلق الباء وجب اعتبار الحال أيضا وإلا لكان يؤمنون مجازا محضا لا تضمينا.
قوله: (وقد يطلق بمعنى الوثوق) الباء في قوله: «بمعنى» صلة لمحذوف منصوب على أنه حال من المنوي في «يطلق» لأن الإطلاق لا يتعدى بالباء أي وقد يستعمل لفظ الإيمان
Bogga 171