Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
بغاية الكمال، ثم سجل على كماله بنفي الريب عنه لأنه لا كمال أعلى مما للحق واليقين، وهدى للمتقين بما يقدر له مبتدأ جملة رابعة تؤكد كونه حقا لا يحوم الشك حوله بأنه هدى للمتقين أو تستتبع كل واحدة منها ما تليها استتباع الدليل للمدلول. وبيانه أنه لما نبه أولا على إعجاز المتحدى به من حيث إنه من جنس كلامهم وقد عجزوا عن معارضته استنتج منه أنه الكتاب البالغ حد الكمال واستلزم ذلك أن لا يتشبث الريب بأطرافه إذ لا أنقص مما يعتريه الشك أو الشبهة وما كان كذلك كان لا محالة هدى للمتقين. وفي كل واحدة منها نكتة ذات جزالة. ففي الأولى الحذف والرمز إلى المقصود مقررة ومحققة لجهة التحدي ودالة على أنه الحقيق بأن يتحدى به، ثم قرر جهة الكمال بأنه لا ريب فيه فإنه أخبر أن لا كمال أعلى وأرفع مما للحق واليقين ولا نقص أدنى وأحقر مما للباطل المهين. قيل لبعض العلماء: فيم لذتك؟ قال: في حجة تتبختر اتضاحا وفي شبهة تتضاءل افتضاحا. ثم أكد كونه حقا لا يحوم الشك حوله بكونه هدى للمتقين لأن هداية المتقين إلى ما هو أعز وأكمل ما هم عليه لا تحصل إلا بما هو حق ويقين لا بما هو شك وباطل. قوله: (وهدى للمتقين) مبتدأ وقوله: «جملة رابعة» خبره وقوله: «بما يقدر له» مبتدأ حال يعني أنه جملة كائنا مع ما يقدر له مبتدأ فإن قوله تعالى: هدى خبر مبتدأ محذوف أي هو هدى. قوله: (أو تستتبع) عطف على قوله: «تقرر اللاحقة منها» حاصل الوجه الأول أن كل واحدة من الجمل الثلاث الأخيرة من تلك الجمل الأربع مقررة لسابقتها، وحاصل هذا الوجه أن كل واحدة من الجمل الثلاث الأول مستلزمة لما يليها ويجيء عقيبها استلزام الدليل للمدلول فإن مضمون جملة الم أن المتحدى به معجز وهو بمنزلة الدليل المستلزم لكونه كتابا كاملا وكونه كتابا بالغا أقصى مراتب الكمال مستلزم لانتفاء الريب عنه وانتفاؤه مستلزم لكونه هدى للمتقين إذ لو كان هناك ريب لما كان هدى لهم. فإن قيل: فما وجه عدم دخول العاطف بينها حينئذ ومن أي قسم من أقسام الفصل هذا؟ أجيب بأن الظاهر أنه من قبيل فصل الجمل المتناسقة عما قبلها فإنه تعالى لما نبه بقوله: الم على أن المعجز المتحدى به ليس إلا لكونه وحيا إلهيا لا لكونه منظوما من غير ما ينظمون منه كلامهم وجه أن يسأل ويقال: فإذا يلزم من ذلك؟ فأجيب عنه بأن يقال: ذلك الكتاب يعني أن إعجازه على الوجه المذكور يستلزم كونه كتابا بالغا أقصى مراتب الكمال في نظمه ومعناه، فاتجه عليه أيضا أن يقال: فإذا يلزم من ذلك؟ فقيل: هدى للمتقين فلما لزم ما هو المقصد من الكتاب انتهت سلسلة اللزوم وانقطع السؤال والجواب. قوله: (وفي كل واحدة منها نكتة) يعني أن تلك الجمل الأربع مع كونها مرتبة هذا الترتيب العجيب تشتمل كل واحدة منها على نكتة على معنى أن شيئا من تلك الجمل لا يخلو عن نكتة واحدة ألبتة وذلك لا ينافي أن
Bogga 164