154

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

على أنه اسم لا النافية للجنس العاملة عمل إن لأنها نقيضتها ولازمة للأسماء لزومها.

وفي قراءة أبي الشعثاء مرفوع بلا التي بمعنى ليس وفيه خبره ولم يقدم كما قدم في قوله المشهورة» عن قراءة أبي الشعثاء وهو تابعي مشهور اسمه سليم بن أسود فإنه قرأ «لا ريب» مرفوعا منونا، والفرق بين القراءتين أن القراءة المشهورة نص في الاستغراق لانتقاء الريب بالكلية، وغير المشهورة مجوزة. وبيان ذلك أن المشهورة تفيد نفي الجنس أي الحقيقة ونفي الحقيقة يستلزم نفي أفرادها بأسرها إذ لو ثبت شيء منها كانت الحقيقة ثابتة في ضمنه ولم يكن نفي الجنس صحيحا، ولما كان نفي الجنس مستلزما لنفي جميع أفراده ثبت أن القراءة المشهورة نص في الاستغراق موجبة له، فإذا قيل: لا رجل في الدار مثلا بفتح اللام لم يصح أن يقال: بل رجلان أو رجال، بخلاف القراءة الغير المشهورة فإنها مجوزة للاستغراق وليست بنص فيه وإن كان مدلولها الظاهر للاستغراق. وذلك أن المتبادر من النكرة المنونة هو فرد لا بعينه ونفيه مع نفي الماهية متسويان فيكون مستلزما لنفي جميع أفراد الحقيقة وهو معنى الاستغراق وأما كونها محتملة لمعنى آخر غير الاستغراق فلأنه قد يقصد بذلك نفي معنى الوحدة فقط، فإن اسم الجنس المنون حامل لمعنيين الوحدة العارضة للمعنى الجنسي ونفس المعنى الجنسي فإذا وقع في سياق النور ربما يكون المقصود نفي معنى الوحدة فقط من غير أن يلاحظ تعلق النفي بأصل المعنى الجنسي فيقال حينئذ: لا رجل في الدار بل رجلان على معنى أن الجنس موصوف بالتعدد لا بالوحدة. فلذلك قيل: «لا» النافية على قسمين: قسم ينفي به الجنس وهو يعمل عمل «إن» لمناسبة لهما في إفادة التحقيق فإن «لا» النافية لتحقيق النفي كما أن «إن» لتحقيق الإثبات وفي أن كل واحد منهما لازم للاسم لا يدخل إلا عليه بخلاف «لا» التي بمعنى «ليس» فإنها لا تعمل عمل ليس عند بني تميم لدخولها على القبيلين، وقسم ينفي به الوحدة ويعمل حينئذ عمل «ليس». قوله: (وفيه خبره) أي لفظ فيه خبر لا ريب سواء كان «لا» لنفي الجنس أو بمعنى «ليس» غير أن فيه مرفوع المحل على الأول ومنصوب المحل على الثاني. قوله: (ولم يقدم) أي لم يقدم لفظ فيه على «ريب» بأن يقال: لا فيه ريب كما قيل: لا فيها غول [الصافات: 47] أي لا فيها غائلة الصداع يدل عليه قوله تعالى في موضع آخر: لا يصدعون عنها [الواقعة: 19] وقيل:

معناه لا تغتال عقولهم أي لا تذهب بها كخمور الدنيا. يعني أنه لم يقدم الظرف في هذه الآية كما قدم في قوله تعالى: لا فيها غول لأن تقديم ما حقه التأخير يكون للتخصيص غالبا وهو غير مناسب في هذا المقام، لأنه لو قدم الظرف لفهم أن انتفاء الريب مختص بذلك الكتاب من بين سائر الكتب كما فهم من تقديم الظرف في قوله تعالى: لا فيها غول أن انتفاء الغول مختص بخمور الجنة إشارة إلى أن خمور الدنيا فيها غول. وتخصيص

Bogga 160