152

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

نفسه مما يضره في الآخرة. وله ثلاث مراتب: الأولى التوقي من العذاب المخلد بالتبري من الشرك وعليه قوله تعالى: وألزمهم كلمة التقوى [الفتح: 26] والثانية التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك حتى الصغائر عند قوم وهو المتعارف باسم التقوى في الشرع والمعنى بقوله تعالى : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا [الأعراف: 96] والثالثة أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتبتل إليه بشراشره وهو التقوى الحقيقي المطلوب بقوله: اتقوا الله حق تقاته [آل عمران: 102] وقد فسر قوله: هدى للمتقين ههنا على الأوجه الثلاثة. واعلم أن الآية تحتمل أوجها من الإعراب أن يكون [الم] مبتدأ على أنه اسم القرآن أو السورة أو مقدر بالمؤلف منها، وذلك خبره وإن كان أخص من المؤلف مطلقا. والأصل أن الأخص لا يحمل على والكبائر والفواحش. وعليه قوله تعالى: وألزمهم كلمة التقوى [الفتح: 26] فإن المراد بها كلمة التوحيد وهي كلمة لا إله إلا الله فلولا أن الاتقاء عن الشرك كاف في التقوى لما سمى كلمة التوحيد بكلمة التقوى.

قوله: (وهو المتعارف) أي التجنب المذكور هو المعنى المتعارف لاسم التقوى عند أهل الشرع وهو المعنى بقوله تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا [الأعراف: 96] فإن عطف قوله: واتقوا على قوله: آمنوا دليل واضح على أن الاتقاء عن الشرك لا يكفي في الاتصاف بالتقوى بل لا بد معه من الاتقاء عما يؤثم بإتيان الطاعات المأمور بها والاجتناب عن المعاصي. قوله: (ويتبتل إليه بشراشره) أي ينقطع عما سوى الحق تعالى متوجها إليه بكليته وهذه المرتبة من التقوى تقوى أخص الخواص، والمرتبة الثانية منها تقوي الخواص، والمرتبة الأولى تقوي العوام. وفي الصحاح: التبتل الانقطاع عن الدنيا إلى الله تعالى، وكذلك التبتيل ومنه قوله تعالى: وتبتل إليه تبتيلا [المزمل: 8]. قوله: (وقد فسر قوله تعالى هدى للمتقين ههنا على الأوجه الثلاثة) فمعناه على الأول: ذلك هدى للذين يتقون عن الشرك باعتقادهم لمضمون كلمتي الشهادة، وعلى الثاني هدى للذين يتقون بالتجنب عن كل ما يؤثم من فعل أن ترك حتى الصغائر عند قوم، وعلى الثالث للذين يتقون بشراشرهم عن كل ما يشغلهم عن الحق ويتوجهون بكليتهم نحوه وينقطعون عما سواه.

قوله: (على أنه اسم القرآن أو السورة أو مقدر بالمؤلف) لم يذكر سائر الاحتمالات السابقة لأنه إذا كان من أسماء الله تعالى وكان كل اسم مما فيه باقيا على أصل معناه أو جعل مقسما به يكون له حظ من الإعراب، إلا أنه لا يكون مبتدأ وإن كان ما فيه من الأسماء أي أسماء الحروف هي أبعاض كلمات معينة أو أصواتا منزلة منزلة حروف التنبيه لم يكن له محل من الإعراب فضلا عن أن يكون مبتدأ. قوله: (وإن كان أخص من المؤلف مطلقا) متصل بقوله:

Bogga 158