151

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا [الإسراء: 82]. ولا يقدح ما فيه من المجمل والمتشابه في كونه هدى لما لم ينفك عن بيان تعين المراد منه. والمتقي اسم فاعل من قولهم وقاه فاتقى، والوقاية فرط الصيانة وهو في عرف الشرع اسم لمن يقي في حقه فلا يكون القرآن هدى في معرفة ذات الله تعالى وصفاته ومعرفة النبوة، ولا شك أن هذه أشرف المطالب فإذا لم يكن القرآن هدى فيها فكيف جعله الله تعالى هدى على الإطلاق؟ ثم أجاب عنه بقوله: ليس من شرط كونه هدى أن يكون هدى في كل شيء بل يكفي فيه أن يكون هدى في حق بعض الأشياء مثل أن يكون هدى في تعريف الشرائع والأحكام وأن يكون هدى في تأكيد ما في العقول. قوله: (ولا يقدح ما فيه من المجمل والمتشابه) جواب عما يقال: كيف وصف القرآن كله بأنه هدى؟ وفيه مجمل ومتشابه وهما لا يدلان على المطلوب بلا بيان من جهة العقل أو السمع فيكون الهدى في الحقيقة ذلك المبين. وكلمة «ما» في قوله: «لما لم ينفك عن بيان تعين المراد منه» مصدرية أي لعدم انفكاك ما فيه من المجمل والمتشابه عن بيان تعين المراد منه. وذلك البيان إما دلالة العقل أو دلالة السمع فصار القرآن كله هدى إما بنفسه كالمحكمات منه أو بواسطة دلالة العقل أو ورود السمع كالمجمل والمتشابه، ولما كان فائدة كل واحد من العقل والسمع بيان المراد منه لم يكن هدى في نفسه في حق الحكم المستفاد من المجمل والمتشابه وإنما يكون كذلك أن لو أفاد ابتداء ما يفيده الكتاب. قوله: (وقاه فاتقى) إشارة إلى أن «اتقى» «افتعل» من «وقى» وأن «فاءه» واو في الأصل فقلبت الواو تاء وأدغمت في تاء «افتعل». والوقاية في اللغة فرط الصيانة مطلقا أي أي شيء كان، ومنه فرس واق إذا وقى حافره أن يصيبه أدنى شيء يؤذيه.

وفي عرف أهل الشرع هي الصيانة عما يضره في الآخرة لا مطلق الصيانة. واختلف في أنه هل تدخل الصيانة عن الصغائر في مفهوم التقوى؟ فقال بعضهم: تدخل بناء على أن الصغائر مما تضر في الآخرة وقد اعتبر في مفهوم التقوى الصيانة عما يضر فيها ولا نزاع في وجوب التوبة عن الصغائر أيضا إنما النزاع في أنه إذا لم يتق الصغائر هل يستحق لأن يسمى باسم المتقي أم لا؟ وقال آخرون: لا يدخل الاجتناب عن الصغائر في مفهوم التقوى لأنها تقع مكفرة من مجتنب الكبائر وهو قول المعتزلة، لأن الاجتناب عن الكبيرة ليس بموجب لتكفير الصغيرة عندنا بل أمر كل واحد من الصغائر والكبائر موكول إلى الله تعالى إن شاء عذب وإن شاء عفا. وقول المصنف: «عند قوم» إشارة إلى أن المختار أن الاجتناب عن الصغائر لا يعتبر في مفهوم التقوى وأن مرتكبها لا يخرج من زمرة المتقين بسبب ارتكابها وإلا فيخرج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عنهم لأن الجمهور على أن الأنبياء غير معصومين منها ولو بعد البعثة، ويؤيده ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: المتقي من يتقي الشرك

Bogga 157