Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
قوله تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا [البقرة: 23] الآية فإنه ما أبعد الريب عنهم بل عرفهم الطريق المزيح له وهو أن يجتهدوا في معارضة نجم من نجومه ويبذلوا فيها غاية جهدهم، حتى إذا عجزوا عنها تحقق لهم أن ليس فيه مجال للشبهة ولا مدخل للريبة. وقيل: معناه لا ريب فيه للمتقين، وهدى حال من الضمير المجرور حصصه وقطعة مما نزل منه. ومنه نجوم الكتابة لحصصها المؤداة في الأوقات المتفرقة، والنجم في الأصل الكوكب الطالع فنقل منه أولا إلى الوقت الذي يتعين بحسب طلوعه وغروبه على طريق إطلاق اسم السبب على المسبب ثم أطلق على ما حصل في الوقت على طريق ذكر المحل وإرادة الحال. وهذا المعنى هو المراد ههنا لأن المراد به الآية النازلة وقت اقتضاء الحاجة إياها. والجهد بضم الجيم الوسعة والطاقة ومجال الشبهة موضع جولانها .
قوله: (وقيل: معناه لا ريب فيه للمتقين) جواب ثان عما سبق من الإشكال الوارد على قوله: لا ريب فيه الدال على نفي الريب بجميع أفراده مع كثرة من يرتاب فيه. وتقريره أنه ليس المراد نفي الريب مطلقا من جميع الخلق حتى يستلزم أن لا يرتاب فيه أحد أصلا بل المراد نفيه بالنسبة إلى المتقين فقط فعلى هذا يكون قوله: للمتقين خبر لا ريب فيه لا متعلقا ب هدى ويكون هدى حالا من الضمير المجرور في قوله: فيه لا من المستتر في الظرف لاقتضائه كون الريب هدى لأنه ضمير الريب ويكون فيه صفة للريب لا خبرا لقوله: لا ريب ولما ورد أن يقال: كيف يكون هدى حالا من المجرور المعمول بكلمة «في» مع أن العامل في ذي الحال يجب أن يكون عاملا في الحال والحروف الجارة لا عمل لها في ذلك؟ دفعه بقوله: «والعامل في هدى الظرف الواقع صفة للمنفي» أي ما في الجار والمجرور من معنى الفعل الذي هو العامل في الضمير المجرور حقيقة كما مر في غير المغضوب من أن ابن كثير نصبه على الحال من الضمير المجرور في أنعمت عليهم وهو المجرور فقط وأثر الجار إنما هو تعدية الفعل وإفضاؤه إلى الاسم، فكذلك ههنا فإن الضمير المجرور في لا ريب فيه منصوب المحل بعامل مقدر هو الواقع صفة للمنفي بحسب المعنى وجعل هدى حالا من ضمير القرآن إما على المبالغة في كونه هاديا كأنه نفس الهداية أو على حذف مضاف أي حال كونه ذا هدى أو على وقوع المصدر موقع اسم الفاعل. وهكذا كل مصدر وقع خبرا أو صفة أو حالا فيه الاحتمالات الثلاث وأرجحها أولها. فقول المصنف: «الواقع صفة للمنفي» بيان لإعراب فيه على تقدير أن يكون للمتقين خبر لا وتنبيه على أن العامل في الحال حقيقة هو العامل في ذلك الظرف لأنه الواقع صفة في الحقيقة لا نفس الظرف. ولم يرض المصنف بهذا الجواب لما فيه من الضعف من وجوه:
الأول أن الغالب في الظرف الواقع بعد لا التي لنفي الجنس أن يكون خبرا لا صفة
Bogga 152