Hashiya Cala Tafsir Baydawi

Muhyi Din Shaykh Zada d. 950 AH
143

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Noocyada

أشير إليه بما يشار به إلى البعد وتذكيره متى أريد ب الم السورة لتذكير الكتاب، فإنه الأعراض السيالة الغير القارة الذات بحيث إن كل ما يوجد منه يتلاشى ويضمحل ويغيب عن الحس والمقتضي الغائب في حكم البعيد فأشير إليه بما وضع للإشارة إلى البعيد يقال في الدعاء.

فلا زال ما يهواه أقرب من غد ... ولا زال ما يأباه أبعد من أمس

والثاني أنه لما وصل من المرسل الذي هو في أقصى مراتب الفوقية وعلو الشأن إلى المرسل إليه الذي لا يدانيه في تلك الرتبة صار بعيدا عن المرسل فلذلك أشير إليه بما يشار به إلى البعيد. واعترض على الوجه الثاني بأن المرسل إليه هو النبي عليه الصلاة والسلام والإشارة بلفظ البعيد قد كانت ثابتة قبل وصول الم إليه، وأجيب بأن حاصل الوجه الثاني أنه أشير بلفظ ذلك إلى المذكور آنفا اعتبارا بوصوله من المرسل إلى المرسل إليه، فإن القرآن نزل على أسلوب كلام البلغاء والبليغ إذا ألف كلاما ما ليلقيه على غيره ويوصله إليه لاحظ في تركيبه وصوله إليه وما يدل كلامه عليه. وقال صاحب المفتاح في وجه الإشارة بلفظ البعيد إلى ما ذكر عن قريب: إنه أشير إليه بلفظ ذلك تنزيلا لبعد درجة المشار إليه وبعد مكانة وعلو شأنه منزلة بعد المكان والمسافة كما يعطفون بكلمة «ثم» الموضوعة للتراخي الزمان للإشعار بتفاوت المراتب وبعدها، فإن قلت: إذا كان الم اسما للسورة كيف صح الإخبار عنه بالكتاب : أجيب بأنه صح ذلك إما بأن يراد بالسورة الكتاب على طريق ذكر الجزء وإرادة الكل أو بأن يراد بالكتاب بعضه على طريق ذكر لفظ الكل وإرادة البعض منه. قيل: إن فسر الم بجميع القرآن كيف أشير إليه بذلك وهو غير موجود فضلا عن كونه مذكرا أو مؤنثا؟ أجيب بأنه صح ذلك تنزيلا لمحقق الوقوع منزلة الواقع. قوله:

(وتذكيره) يعني أن تذكير اسم الإشارة إذا أريد ب الم المؤلف أو القرآن ظاهر وأما إذا أريد به السورة فإنما هو بالنظر إلى أن ما هو خبر أو صفة له مذكر وهو الكتاب فإن المبتدأ والخبر وكذا الموصوف والصفة لما كانا عبارتين عن شيء واحد ومتحدين صدقا جاز إجراء الخبر على المبتدأ وحكم الصفة على الموصوف في التذكير والتأنيث، كما أجرى حكم اسم «كان» على خبره في قولهم: «من كانت أمك» فإنه أنث اسم «كان» وهو الضمير الراجع إلى خبره لتأنيث خبره وهو أمك». قال تعالى: فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي ذكر المبتدأ نظرا إلى كون الخبر مذكرا فكذا ذكر لفظ ذلك مع كونه إشارة إلى السورة لتذكير الكتاب والظاهر أنه لا حاجة إلى العذر في تذكير ذلك لأن المشار إليه بذلك لا يخلو إما أن يراد به مسمى الم أو اسم الم وكل واحد منهما ليس بمؤنث، أما المسمى فظاهر لأنه هو البعض المخصوص من الكلام المنزل المسمى بسورة البقرة كما أنه مسمى ب الم

Bogga 149