Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي
لا يقولون بثبوته بالبرهان القاطع بل يدعون فيه الإستقراء، وهذا كله تعسف وتنزيل كلام اللغويين على مدعي الحكماء حرزة، والنقيض عند اللغويين كما مرّ المقابل المنافي، فلا حاجة لشيء مما ذكر. قوله:) ورفعه بالابتداء الخ) كون العامل الإبتداء هو القول الأصح المشهور، وذكر هذا الإعراب مع ظهوره إمّا لدفع ما يتوهم من أنّ المجرور معمول المصدر واللام للتقوية، فذكر رفعه بالابتداء ليتعين
لشهاب لم ج ا / م ٩
أنّ لله خبره و) يربط به ما بعده، وقيل إنه لدفع توهم رفعه بفعل محذوف مجهول أي حمد الحمد مع أنه أوفق بأصله، ولا يخفى فساده وقيل الأولى أن يقال إنه للتنبيه على أنّ الحمد يستحق التقديم على لله باعتبار الحال والأصل، وتوهم كون الظرف أو المجرور معمولًا للحمد يرتفع ببيان كون لله خبرًا ولا دخل للتعرّض لرفع الحمد إلا أن يقال التعرّض لرفعه لتوطئة بيان الخبرية، وهي لدفع التوهم المذكور، وكله على طرف التمام. قوله: (وأصله النصب الخ) قال سيبويه: من العرب من ينصب المصادر بالألف واللام، ومن ذلك الحمد لله ينصبها عامّة بني تميم وكثير من العرب، وسمعنا العرب الموثوق بهم يقولون العجب لك، فتفسير نصب هذا كتفسيره حيث كان نكرة، كأنك قلت حمدًا وعجبًا، ثم جئت بلك لتبيين معنى من يعني، ولم تجعله مبنيًا عليه فتبتدىء به، وقولك الحمد لله والعجب لك والويل لك، إنما استحق الرفع لأنه صار معرفة، فقوي في الابتداء بمنزل عبد الذ انتهى. وفي شرح السيرافي دخل الألف واللام المصدر حسن الابتداء به، كما في الحمد لله والويل لك، فإذا أنكر ضعف الابتداء به، إلا أن يكون فيه معنى المنصوب نحو سلام عليكم، وخيبة لزيد مما يدعى به، ويجوز فيه النصب والرفع ويجري مجرى المنصوب في حسنه، وان كان الابتداء بنكرة، وليس كل ظرف يفعل به ذلك، كما أنه ليس كل حرف يدخله الألف واللام، فلو قلت السقي لك والرعي لك لم يجز إلا عند الجرمي والمبرد لأنه لم يسمع، والحمد دلّه وان ابتدىء به ففيه معنى المنصوب وهو إخبار فإذا نصب فمعناه أحمد الله حمدًا، واذا رفع فكأنه قال: أمري وشأتي فيما أفعله الحمد لله هذا زبدة ما في الكتاب وشرحه في باب كسره عليه، وهو مأخذ الزمخشريّ وعليه اعتماده.
وقال قدّس سوه: إنما كان أصله النصب، لأنّ المصادر أحداث متعلقة بمحالها، فيقتضي
أن تدل على نسبتها إليها، والأصل في بيان النسب والتعلقات هو الأفعال، فهذه مناسبة تستدفي أن يلاحظ مع المصادر أفعالها لفظًا، فتسدّ مسدّها وتستوفي حقها لفظًا، ومعنى فلا يستعملونهما معا ويجعلون ذكر أفعالها، كالشريغة المنسوخة في أنه خروج عن طريقة معهودة إلى طريقة مهجورة يستنكرها المتدين بعقائد اللغة، ولا يرد عليه ما قيل من أنه لا يدل على أنّ أصله النصب بل على أنّ المقام مقام الأتيان بالجملة الفعلية لأنه حينئذ إذا أتى بمصادرها كان حقها النصب كما سمعته عن سيبويه، وقراءة النصب هنا شاذة منسوبة لهرون بن موسى العتكي، والقراءة الشاذة يستدل بها النحاة، والنصب على المصدرية بفعل محذوف تقديره نحمد بنون الجماعة لأنه مقول على ألسنة العباد ومناسب. لقوله: (نعبد ونستعين الا بنون العظمة لعدم مناسبته لمقام العبادة المقتضي لغاية التذلل والخضوع وليس مفعولًا به بتقدير اقرؤا، وأن جوّزه بعضهم لما مرّ، وقراءة الرفع أولى لدلالة الجملة الإسمية على الدوام والثبوت بقرينة المقام بخلاف الفعلية فإنها تدل على التجذد والحدوث، واذا كان الخبر ظرفًا
فإن قدّر متعلقه اسمًا فهو ظاهر، وإلا فقيل الخبر الفعل إنما يفيد الحدوث إذا كان مصرّحًا به مع إنه قيل إنّ المعدولة تفيد ذلك مطلقًا فيفيد العدول، والتعريف بلام الاستغراق ثبوت الحمد الشامل لجميع أفراده لله تعالى، وإلى هذا أشار المصنف فيما بعده، وهو قوله وإنما عدل عنه إلى الرفع الخ. وقد شرحناه على وجه يعلم منه مراده إجمالًا وسنفصله ونحققه على أتم وجه. قوله: (على عموم الحمد) قيل إنّ هذا على تقدير أن تكون اللام في المبتدأ للعموم، وفيه نظر لأنه أريد به معناه الذي يفيده النصب من إنشاء الحمد من نفس الحامد، واللام في النصب متعينة للجنسية إذ يمتنع إنشاء الحمد الذي يقوم بغيره، فكذا في حالة الرفع كذا نقل عن المصنف في حاشية كتبها هنا، وقيل على ما نقل عنه أنّ الإنشائية
1 / 80