183

Hashiyat al-Sindi 'ala Sahih al-Bukhari

حاشية السندي على صحيح البخاري

قوله : (والله هو أضحك وأبكى) ليس المراد بذلك أن الخالق هو الله تعالى ، فلا يعاقب العبد بذلك أصلا بل المراد أن الله تعالى أضحك الحي فلا يؤاخذ بذلك الميت ، ويحتمل أن يقال مراده بيان أن عذاب الميت ببكاء الأهل لا وجه له أصلا لا عقلا ولا شرعا أما عقلا فلأن الفعل مخلوق لله تعالى ، فلا يتجه عذاب العبد به أصلا من قام به ولا غيره لولا الشرع ، وأما

436

شرعا فلأن الشرع ما ورد إلا بعذاب من قامت به المعصية لا بعذاب غيره ، فلا يصح القول بعذاب الميت ببكاء أهله ، فإلى الأول أشار ابن عباس بقوله والله أضحك وأبكى بعد أن نقل عن عائشة ما يكون فيه إشارة إلى الثاني أعني قوله تعالى : {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وهذا الوجه أدق وعلى الوجهين لا يرد أن هذا الكلام يقتضي أن لا يعذب أحد بفعل أصلا لا الفاعل ولا غيره لأن الخالق مطلقا هو الله تعالى. بقي أنه قد صح تحميل الظالم ذنوب المظلوم بعد أن تقسم حسناته بين المظلومين ، فإذا فرغت توضع سيئات المظلومين عليه ، فما معنى قوله تعالى : {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قلت : لعل معناه أن الله تعالى لا يعاقب أحدا ولا يعذبه بذنب غيره لا أن يحمل عليه ذنب غيره جزاء له على عمله وبينهما فرق.

رقم الجزء : 1 رقم الصفحة : 419

والحاصل أنه تعالى لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ابتداء ، ويمكن أن يؤاخذه بعد تحميل عمل الغير إياه بناء على أن أعماله تقتضي التحميل جزاء عليها ، ومن هذا القبيل من سن سنة سيئة الحديث وحديث لأنه أول من سن القتل وقوله تعالى : {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } فافهم.

Bogga 192