174

Hashiyat al-Sindi 'ala Sahih al-Bukhari

حاشية السندي على صحيح البخاري

قوله : (باب ما جاء في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله) الجنائز جمع جنازة بالفتح والكسر لغتان للميت ؛ وقيل : بالكسر للنعش وبالفتح للميت ، والمراد ههنا الميت وقوله ومن كان آخر كلامه الخ عطف على الجنائز بمنزلة التفسير فصار المعنى باب ما جاء فيمن كان آخر كلامه لا إله إلا الله ؛ وقيل : مراده بقوله من كان آخر كلامه ذكر حديث رواه أبو داود بإسناد حسن ، والحاكم بإسناد صحيح إلا أنه حذف جواب من وهو دخل الجنة. قلت : ولا يخفي بعده ثم إنه جعل هذه الترجمة كالشرح لأحاديث الباب ، وأشار بها إلى حمل أحاديث الباب على من كان آخر كلامه لا إله إلا الله ، وطريق حمله أن يجعل قوله لا يشرك بالله كناية عن التوحيد بالقول وهي جملة حالية ، فتفيد مقارنة الموت بالتوحيد باللسان وطريق تلك المقارنة هو أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله كما جاء في حديث أبي داود والحاكم ، وهذا مسلك دقيق لتأويل أحاديث الباب يغني عما ذكروا في تأويلها من حمل قوله دخل الجنة على دخوله ولو بالأخرة وهو بعيد غير مستقيم إذ يلزم أن يدخل جاحد النبوة وغيرها الجنة إذا لم

419

يشرك بل يلزم أن من لم يشرك ولم يوحد بأن كان شاكا مثلا يدخل الجنة ، فلا بد من تأويل آخر وهو جعل قوله لا يشرك بالله شيئا كناية عن نفي مطلق الكفر فافهم. ولا يخفى أنه يحمل دخول الجنة على ما فهمه المصنف على الدخول ابتداء كما هو المتبادر إذ لا يستبعد أن يكون إجراء الله تعالى هذه الكلمة السعيدة على لسانه في هذه الحالة من علامات أنه سبقت له المغفرة من الله تعالى والرحمة فيكون أهل هذه الكرامة من الذين قال الله تعالى : {فيهم إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} والله تعالى أعلم.

Bogga 183