الأكرم والأفضل التابعان لفلان فأريد بهما مفهومهما لا الذات. وأما ثانيا فبالتفصيل بعد الإجمال فإنه أوقع في البيان وأقوى في الشهادة، وأشار إليه بقوله (مجملا أولا ومفصلا ثانيا) وتقدير الكلام ثنيت ذكره فذكرته أولا مجملا وثانيا مفصلا، وأما ثالثا فبتكرير العامل تقديرا، وله مع إفادة تأكيد النسبة فائدة أخرى تقوى أركان الشهادة المذكورة وقد فصلها بقوله: وأوقعت فلانا إلى آخر الكلام، يعنى وأوقعته تفسيرا وإيضاحا مع قصد تكرير العامل كما مر، فإن جعله علما وكونه مشخصا معينا لما ذكر إنما يترتب على تقدير العامل المؤذن باستئناف القصد كأنه قيل: هل أدلك على زيد؟ فينبغي أن يكون علما في الكرم والفضل (غير مدافع ولا منازع) ليكون أوفى بتأدية ما هو المقصود، أعني كونه أكرم وأفضل فيستحق أن يستأنف القصد إليه، وقد يتوهم من ظاهر عبارته أن قوله ليكون متعلق بالإشعار وحده، ووجوه الأغلبية راجعة إلى كونه بيانا وتفسيرا فيلزم أن يشاركه فيه عطف البيان مع أن اقتضاءه تعيين فلان وتشخيصه بلا مدافعة لا يخلو عن منازعة. وقوله غير مدافع نصب على الحال، إما من الضمير المجرور في الظرف، وإما من المرفوع المستكن في المعين (قوله وأطلق الإنعام) أي لم يقيده بمفعوله الذي يتعدى إليه بالباء ليستغرق بمعونة المقام كل إنعام بنعمه. ولما كان هذا الشمول ادعائيا قال (لأن من أنعم الله عليه الخ) فإن نعمة الإسلام لاشتمالها على سعادة النشأتين هي النعمة كل النعمة، فمن فاز بها فقد أنعم الله عليه بالنعم (قوله على معنى أن المنعم عليهم) أي إذا جعل غير المغضوب عليهم بدلا أريد بالثاني أيضا الذات مع قصد تكرير العامل وتفسير المبهم فيوجد فيه تلك المبالغات. فالبدل في الآية أوقع من الصفة، قال رحمه الله:
قوله هم الذين سلموا نظيرا قوله فهو المشخص المعين (قوله على معنى أنهم جمعوا) لأن النعمة المطلقة أثبتت لهم بطرق الصلة والسلامة بطريق الصفة، ويفهم من ذلك أنهم جمعوا بينهما. وقوله وهى نعمة الإيمان مع قوله سابقا بنعمة الإسلام يدل على أن الإيمان متحد بالإسلام ومشتمل على الأعمال كما هو مذهب الاعتزال، وحينئذ كان
Bogga 69