بنفسه والمتعدى بالحرف، لكنه فرق بين هداه لكذا وإلى كذا، إنما يقال إذا لم يكن فيه ذلك فيصل بالهداية إليه، وهداه كذا لمن يكون فيه فيزداد أو يثبت ولم لا يكون فيه فيصل. وقد يقال: لا نزاع في الاستعمالات الثلاثة.
ومنهم من فرق بأن ما تعدى بنفسه معناه الإيصال إلى المطلوب ولا يكون إلا فعل الله فلا يسند إلا إليه كقوله تعالى - لنهدينهم سبلنا - وما تعدى بالحرف معناه الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب فيسند تارة إلى القرآن كقوله - يهدى للتي هي أقوم - وتارة إلى النبي صلى الله عليه وآله كقوله - وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم - (قوله ومعنى طلب الهداية) أي طلبهم الهداية ففاعل المصدر محذوف وهم مهتدون حال منه. وتقرير الإشكال أن من خصص الحمد بالله تعالى وأجرى عليه تلك الصفات المشتملة على أحوال المبدأ والمعاد وما بينهما وحصر العبادة والاستعانة فيه كان مهتديا فكيف يطلب الهداية وما هو إلا طلب لتحصيل الحاصل. والجواب أن الحاصل أصل الاهتداء والمطلوب زيادته أو الاهتداء والمطلوب الثبات عليه. فإن قلت: المؤمنون وإن كانوا مهتدين في اعتقادهم وعبادتهم إلا أن عبادتهم ليست مقصودة بذاتها، بل هي وسيلة إلى مطالبهم الحقيقية التي هي السعادات الأبدية، ولما لم تكن كافية في حصول تلك المطالب بل لابد معها من الاستعانة بهداية الله إليها قالوا: اهدنا الصراط المستقيم، طلبا للهداية إليها، فلا حاجة إلى شئ من التأويلين. قلت: لما حمل المصنف الصراط المستقيم على ملة الإسلام احتاج إلى أحدهما على أن طلب الهداية إلى تلك المطالب راجع إلى طلب زيادة الهدى، فإن حمل الهدى على التثبيت كان مجازا، ولو حمل على زيادته، فإن جعل مفهوم الزيادة داخلا في المعنى المستعمل فيه كان مجازا أيضا، وإن جعل خارجا عنه مدلولا عليه بالقرائن كان حقيقة لأن الهداية الزائدة هداية، وما ذكره في قوله - يا أيها الناس اعبدوا ربكم - من أن الازدياد من العبادة عبادة فلا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز فمبنى على هذا الوجه الأخير. وفى قوله (بمنح الألطاف) وهى المصالح التي عندها يضيع المكلف أو تكون أقرب إلى الطاعة ولا تفضى إلى الإلجاء والقسر رد على من قال هداية الله لعباده إيجاده الاهتداء فيهم، وأريد ههنا إيجاد زيادته أو الثبات عليه (قوله زادهم هدى استشهاد معنوي حيث صرح فيه بزيادة الهدى بعد إثبات الاهتداء (قوله لنهدينهم سبلنا) نظير لاهدنا، فإنه لما أثبت لهم المجاهدة بصيغة الماضي وجعل ضمير الذات ظرفا لها مبالغة في إخلاصهم دل على ثبوت الهداية فحمل على الزيادة، وكما أيد الوجه الأول بنظائر الآية أشار إلى تأييد الثاني بالنقل عن الصحابة (قوله لأن كل واحد منهما طلب وإنما يتفاوتان في الرتبة) إشارة إلى أن تلك الصيغة موضوعة لطلب الفعل مطلقا لكنه من الأعلى أمر ومن الأدنى دعاء ومن المساوى التماس، واللفظ في الأحوال كلها. مستعمل في معناه الحقيقي، واعتبر أبو الحسين في الأمر الاستعلاء وفى الدعاء التضرع وفى الالتماس عدمهما وهو أولى (قوله وقرأ عبد الله) هو إذا أطلق أريد به
Bogga 67