(قوله والمعنى نخصك بالعبادة) وقد سبق في تحقيقه ما فيه غنية عن إعادته (قوله قال طفيل الغنوي: فهياك) قال رحمه الله تعالى: هكذا رواية الكشاف. وفى الحماسة لمضرس بن ربعي:
فإياك والأمر الذي إن توسعت * موارده ضاقت عليك المصادر وقيل البيت الذي رواه المصنف من قصيدة مطلعها:
تحمل من وادى أشيقر حاضره * وألوى بعامي الخيام أعاصره والموارد مواضع الورود والدخول، والمصادر مواضع الصدور والرجوع: أي احذر أن تلابس أمرا إن توسعت مداخلة ضاقت عليك مخارجه، والمقصود الحث على التدبر في عواقب الأمور قبل الشروع فيها (قوله أقصى غاية الخضوع) للخضوع حدود ونهايات، ولفظ الغاية شملها لكونه اسم جنس مضافا فصح إضافة أقصى إليها كأنه قال أقصى غاياته. قال الراغب: العبودية إظهار التذلل والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل (قوله لأنه مولى أعظم النعم فكان حقيقا بأقصى غاية الخضوع) بيان لوجه استعمال العبادة في الخضوع لله تعالى لا لحصر استعمالها فيه، كأنه جعل مقتضى الاستعمال ظاهر الانتفاء عن غيره فلم يتعرض للحصر لا في المقتضى ولا في الاستعمال، فبطل ما يقال من أن الصواب أن يقال وكان هو الحقيق (قوله هذا سمى الالتفات) لما كان السؤال عن فائدة العدول مشتملا على نوع استبعاد واستنكار له لمخالفته مقتضى الظاهر الذي تتسارع الطباع إلى قبوله وتتباعد عما يخالفه، أزال الاستعباد أولا بأنه فن من فنون البلاغة مشهور فيما بين علماء البيان له اسم مخصوص وأنواع كثيرة وأمثلة غير محصورة. وثانيا بأنه عادة مألوفة للعرب العرباء قد تعودوا بها في أساليب كلامهم. وأشار في ضمنه إلى فائدة عامة للالتفات من جهة المتكلم وهى التصرف والافتنان في وجوه الكلام وإظهار القدرة عليها والتمكن منها، وعقبها بفائدة أخرى له عامة أيضا من جهة السامع وهى تطرية نشاطه في سماع الكلام واستدرار إصغائه إليه بحسن الإيقاظ، ثم ذكر أن له بحسب مواقعه فوائد مخصوصة وبين الفائدة المختصة بهذا الموضع فكأنه قال: ليس العدول من طريق إلى آخر بمستبعد بل هو مشهور ومعتاد، وله فوائد عامة وخاصة، فكان الجواب منطبقا على السؤال حق الانطباق. وأشار بقوله هذا يسمى الالتفات إلى ما يفهم من الكلام السابق من مطلق العدول الواقع بين الطرق الثلاثة، وصرح من أنواعه الستة الحاصلة من ضرب الثلاثة في اثنين بثلاثة: أولها ما يندرج فيه المسؤول عنه أعني
Bogga 62