إضافته حقيقية مع أنه عامل، فلا منافاة بين كلاميه، وفيه نظر لأن مدار الإضافة في كونها معنوية ولفظية على كون الصفة عاملة وغير عاملة كما هو المشهور، ويمكن أن يقال الاستمرار في مالك يوم الدين ثبوتي، وفى جاعل الليل تجددي بتعاقب أفراده، وكان الثاني عاملا وإضافته لفظية لورود المضارع بمعناه دون الأول، وسنزيدك هنالك تبيانا لهذا المعنى إن شاء الله تعالى (قوله وهذا هو المعنى في مالك يوم الدين) أي المقصود منه الزمان المستمر لا الحال أو الاستقبال والحصر بالقياس إليهما فلا ينافي تجويز الماضي. وجاز أن يجعل بالقياس إلى الكل إشارة إلى أنه المختار الذي لا يلتفت معه إلى غيره، ثم كأنه تنزل عن ذلك وجوز قصد الماضي. فإن قيل: إذا لم يكن يوم الدين وما فيه مستمرا في جميع الأزمنة لم يكن هو مالكا له على الاستمار، وأجيب بأنه مالك للأشياء كلها أزلا وأبدا ولا يتغير بوجودها وعدمها إلا تعلق ملكه بها كما قيل في التكوين. ويرد عليه أن الماضي لا يحتاج إلى أن يؤول ويجعل من قبيل ونادى. وقد يجاب بأن معنى الاستمرار هو الثبوت من غير أن يعتبر معه حدوث في أحد الأزمنة وذلك ممكن في المستقبل كأنه قيل: هو ثابت المالكية في يوم الدين، وإذا لم يعتبر في مفهومه الحدوث لم يكن عاملا لانتفاء مشابهة الفعل، ويدفعه أن الاستمرار صريح في الدوام. والأولى أن يوم الدين لتحقق وقوعه وبقائه أبدا جعل كأنه متحقق مستمرا لأنه لم يصرح بذلك اعتمادا على ما ذكره من التأويل في الماضي، وهو أن يجعل المستقبل المتحقق وقوعه بمنزلة الماضي الواقع مبالغة في تحقق وقوعه فيستعمل فيه اسم الفاعل على أنه ماضي ادعاء وإن كان مستقبلا حقيقة ومثله لا يعمل كالماضي حقيقة فإضافته معنوية، واستدل على إرادة الماضي المؤول بقراءة أبي حنيفة رحمه الله فإنها بمعنى الماضي مؤولا، وأنه قصد بالاستدلال نوع تقوية له لا اختياره على الاستمرار. لا يقال الحكم بكون الظرف متسعا فيه قائما مقام المفعول به حكم بكون اسم الفاعل عاملا فيه ناصبا له، فكيف يتصور أن إضافته إليه حقيقية وهل هذا لا تناقض؟ لأنا نقول: لا تناقض لأنه إنما حكم بكونه مفعولا به من حيث المعنى لا من حيث الإعراب: أي يتعلق المالك به تعلق المملوكة حتى لو كانت شرائط العمل حاصلة لعمل فيه، ألا ترى أنك تقول في مالك عبيده أمس أنه مضاف إلى المفعول وتريد أنه كذلك معنى لا أنه منصوب محلا لأن شرط العمل مفقود (قوله وهذه الأوصاف) يعنى لما دل بلامي التعريف والاختصاص على أن جنس الحمد مختص به تعالى، وحق له إجراء تلك الصفات العظام ليكون حجة واضحة على انحصار الحمد فيه واستحقاقه إياه، فذكر أولا ما يتعلق بالابتداء من كونه ربا: أي مالكا للأشياء كلها لا يخرج شئ من الأشياء عن ملكوته:
أي سلطنته الشاملة ومن ربوبيته الكاملة يتصرف فيها بمواجب حكمته على وفق مشيئته ويربيها: أي يرقيها في مدارج الكمال على مقتضى عنايته بإفاضة الوجود وإعداد الأسباب الكاملة. وثانيا ما يتعلق بالبقاء من إسباغه عليها
Bogga 59