على ما ذكره من أن أصل معنى الكلام وتقديره نحمد الله حمدا. وقوله (لأنه الخ) بيان لوجه دلالته عليه، وقد يقال: الأول تعليل للمبين بمطابقة البيان بحسب العلم والثاني تعليل للبيان بمطابقة المبين بحسب المقصود فلا دور (قوله كأنه قيل كيف تحمدونه) هذا السؤال عن كيفية الحمد لاعن ما هيته، فصح أن يجاب بالعبادة المشتملة على الحمد وعلى غيره لأن ضم غيره إليه نوع بيان لكيفيته: أي حال حمدنا أنا نجمعه بسائر عبادات الجوارح والاستعانة في المهمات ونخص مجموعها بك. وقيل صح كون العبادة بيانا للحمد مع اختصاصه باللسان من حيث أن أقصى غاية الخضوع يقتضى اعترافا تاما بالانعام ووصفا للمنعم بصفات الجلال والإكرام، وذلك أبلغ حمد وأكمله، غاية ما في الباب أن الجواب يشتمل على زيادة في البيان. قال رحمه الله تعالى: كان حق الجواب إياك نحمد: أي حال حمدنا أنا لا نشرك فيه غيرك، فعدل عنه تنبيها على أن الحمد أصل العبادة ورأسها كما مر، فإن حقيقة العبادة شكر المنعم الحقيقي: أي إظهار انقياده بقدر الإمكان. قال: وجعل: إياك نعبد " بيانا استئناس بتقدير الأصل في الحمد لله وتطبيق لقراءة النصب بأن الفعل المحذوف في الرفع يلحظ في الجملة حيث بين بالجملة الفعلية، والأرجح إن يجعل استئنافا جوابا لسؤال يقتضيه إجراء تلك الصفات العظام على الموصوف بها أزلا وأبدا كأن سائلا يقول: ما شأنكم مع هذا الموصوف وكيف توجهكم إليه. فأجيب بحصر العبادة والاستعانة فيه. وقيل لما قطع حديث الغيبة إلى الخطاب ترك العاطف لافتراق الحالتين (قوله ما معنى التعريف فيه) ذكر أولا معنى الحمد وإعرابه وما يتعلق بهما، ثم شرع في معنى اللام الداخلة عليه وبينه بطريق السؤال والجواب بناء على أنه مقصد في نفسه يستحق أن يتوجه نحوه ويلخص على حدة، وقال ما معنى التعريف فيه ولم يقل ما معنى اللام تنبيها على أن اللام للتعريف اتفاقا وإن وقع اشتباه في معنى التعريف، وقال في الجواب (هو نحو التعريف في: أرسلها العراك) في قول لبيد:
فأرسلها العراك ولم يذدها * ولم يشفق على نغص الدخال فشبه بمثال من المصادر مشهور بعيد عن توهم الاستغراق، ثم أشار إلى أن القدر المشترك بينهما مسمى بتعريف الجنس، ثم فصل معنى القدر المشترك على وجه اتضع به حال كل منهما بخصوصه وعرف به أيضا معنى تعريف الجنس مطلقا معرى عما يمتاز به أحدهما عن الآخر، وفاعل أرسل ضمير راجع إلى العير ومفعوله راجع إلى الأتن، والعراك إما حال: أي أرسلها معتركة، وإما مصدر وناصبه حال: أي تعترك العراك، يقال أورد إبله العراك إذا أوردها الماء جميعا دفعة ونغض البعير بالكسر نغصا: إذا لم يتم شربه، والدخال في الورد أن يشرب البعير مرة ثم يرد من العطن إلى الحوض فيدخل بين بعيرين عطشانين ليشرب مرة أخرى (قوله ومعناه الإشارة) فيه تصريح
Bogga 49