زيادة الحذر وإن لم يدل على ثبوته ولزومه (قوله وهو من الصفات الغالية) أي تقديرا، إذ مقتضى القياس استعماله في غيره تعالى لأن معناه البالغ في الرحمة، وحيث اختص به ولم يستعمل في غيره فكأنه غلب عليه من بيان ما اقتضى القياس إطلاقه عليه، وكذلك غلبة الدبران والعيوق تقديرية أيضا إذا لم يستعملا في غير هذين الكوكبين أصلا، لكن لما اعتبر فيهما معنى الدبور والعوق كان مقتضى القياس أن يستعملا في غيرهما أيضا، وحيث اختصابهما علمين لهما فكأنهما غلبا عليهما بخلاف الصعق فإن غلبته تحقيقية، ومن هنا: أي من أجل انقسام الغلبة إلى التقديرية والتحقيقية تراهم يقولون : الغلبة إما بالنظر إلى القياس والاستدلال، وإما بالنظر إلى الواقع والاستعمال. فان قلت: الرحمن صفة إذ يوصف به ولا يوصف، ولأن المفهوم منه بليغ الرحمة، وقد اختص به تعالى معرفا ومنكرا وليس بعلم قطعا، فكيف شبهه بالأعلام التي يلزمها اللام؟ قلت: أراد بالتشبيه الاشتراك في مطلق الغلبة والاختصاص سواء كانت تقديرية أو تحقيقية مع اللام أو بدونها على وجه العلمية أو الوصفية (قوله كما أن الله تعالى من الأسماء الغالبة) يعنى تقديرا فلا ينافي قوله وأما الله تختص بالمعبود بالحق لم يطلق على غيره تعالى، قال وكفاك دليلا على ذلك أنه جعل الرحمن من الصفات الغالبة، وحكم بأنه لم يستعمل في غير الله تعالى، يريد كما أن غلبة الرحمن تقديرية غير منافية لعدم استعماله في غيره تعالى: كذلك غلبة الله تقديرية إذ أصله الإله، فاقتضى القياس صحة إطلاقه على غيره كأصله إلا أنه لم يطلق إلا عليه تعالى. وقد يقال هذه الكلمة من أول وضعها إلى أن صارت علما اسم واحد فأوردت في مقابلة الرحمن وحكم عليها بالغلبة التحقيقية في الجملة وذلك لاتصافها بها في بعض أطوارها أعني قبل حذف الهمزة وأما الحكم بالاختصاص وعدم الإطلاق على غيره تعالى فإنما هو على هذه الكلمة مقيدة بحذف الهمزة في مقابلتها مقيدة بوجودها، ولذلك قال: وأما الله بحذف الهمزة (قوله وأنت غيث الورى) أوله * سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبا * ويروى الأكثرين ندى (فباب من تعنتهم في كفرهم) حيث بالغوا فيه حتى خرجوا عن طريقة اللغة أيضا، والتعنت: تطلب الايقاع في أمر شاق، فإما أن يراد إيقاع بعضهم بعضا في أمر شاق أو إيقاع كل واحد نفسه (قوله كيف تقول الله رحمن) أوقعه في التركيب وجرده عن اللام ليستحق الإعراب ويظهر حكم الانصراف وعدمه (قوله أقيسه على أخواته من باب) أي من فعل بالكسر، فإن كان
Bogga 42