Dagaal iyo Nabad
الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة
Noocyada
انسدلت شفتها العليا فجأة، فأطبقت على السفلى، وأدنت وجهها من وجه الأميرة، وشرعت تنتحب.
قال الأمير آندره، وهو يقطب حاجبيه: إنها في حاجة إلى الراحة، أليس كذلك يا ليز؟ خذيها إلى جناحك بينما أمضي للقاء أبي، كيف حاله؟ هل لا زال كعهدنا به؟
فأجابت ماري برقة: نعم، كعهدنا به، بل يبدو لي أنه ساء قليلا عن ذي قبل، سوف تراه بنفسك.
سأل الأمير الشاب، وقد انفرجت شفتاه عن نصف ابتسامة تدل على أنه - رغم كل الاحترام الذي يكنه لأبيه - يعرف نقاط الضعف فيه: ألا زال مولعا بالأوقات الثابتة إياها، وجهاز صنع الأواني الفخارية، والنزهات في المماشي المشجرة؟
فأجابت ماري: بلى، لا زال يصر على دقة أوقاته، ويغرم بجهازه وبالرياضيات، ودروس الهندسة التي يلقنها لي كل يوم.
كان صوتها الفكه، وهي تتحدث عن دروسها، يوهم السامع أن تلك الدروس كانت إحدى مباهجها الرئيسية المستظرفة!
ولما انقضت الدقائق العشرون، وأزفت ساعة نهوض أبيه النظامية، جاء تيخون يستدعي الأمير الشاب للقاء أبيه الذي خرق نظام عاداته ابتهاجا بمقدم ابنه، وتفضل باستقباله بعد فترة راحة الظهيرة، فلما دخل آندره إلى غرفة الزينة، كان الأمير الشيخ جالسا على مقعد ضخم من الجلد، مرتديا قميصا، مسلما رأسه لعناية تيخون؛ لأنه كان أمينا على العادة القديمة، فكان يرتدي أبدا ثوبا موشى وينثر على شعره الذرور، لم يدخل الأمير على أبيه كما كان شأنه في المجتمعات الراقية؛ شرسا متطيرا بوجه مكتئب، بل كان هاشا شديد الحيوية، كما كانت عليه حاله عندما التقى لأول مرة بصديقه بيير.
هتف الأمير عند رؤية ابنه الشاب: آه، هو ذا رجل الحرب! لقد صورت إذن لنفسك أنك ستهزم بونابرت؟
وهز برأسه بقدر ما كان تيخون، الذي كان يضفر الشريط الذي يثبت شعره، يسمح له به، وأردف: حسنا، مثلك كمثل الآخرين، فاعمل ما في طاقتك؛ لأننا إذا لبثنا على ما نحن عليه من تصرف، فسوف يجعلنا بعد حين في عداد أتباعه!
ثم أضاف، وهو يقرب له وجنته: مرحبا!
Bog aan la aqoon