348

وقيض للزواج أن ينجح. تحولت نور الصباح العجمي إلى ست بيت. سعد بها شمس الدين فاستقر جانب من جوانبه القلقة. ولم ينغص صفو البيت من آن لآن إلا المشاحنات بين عفيفة ونور الصباح. وبقدر ما كانت عفيفة صارمة غير متسامحة، كانت نور الصباح حادة سليطة اللسان. ولكن المعاشرة لم تتحطم، وأنجبت صباح من البنات ثلاثا، وأخيرا جادت بسماحة شمس الدين الناجي.

32

وبتقدم الزمن تناسى شمس الدين همومه وذنبه ما أمكن، ولكن الكآبة كانت قد صارت له طبعا. ونشأ سماحة وليس له جمال أبيه أو جده، ولكنه يبشر ببنيان أشد. وولعت به أمه وجدته، فحافظا عليه ككنز غال. ولم يحقق نجاحا في الكتاب. وتشاجر ذات يوم مع قرين فضربه باللوح فكاد يفقده عينه، وأوقع أباه في مشكلة لم يخلص منها إلا بتعويض لا يستهان به. وقسا عليه فضربه حتى أحزن أمه وجدته. وجره إلى العمل في الحظيرة قبل الأوان وهو يقول له: تعلم أدب الحياة بين الحمير!

ونما سماحة تحت رعاية أبيه الكئيب، وسرعان ما شارف المراهقة.

33

رغم أن الفتى لم يكن يغيب عن عيني أبيه من الصباح حتى النوم إلا أنه لم يطمئن إلى أحواله تماما، فآنس منه جموحا وتوقع منه المتاعب.

وذات يوم جاءه مجاهد إبراهيم شيخ الحارة وقال له: أول ما شطح نطح!

شعر بأنه يعني ابنه سماحة، ولكنه لم يصدق لشدة إحكام قبضته حول الفتى. وتساءل عما هنالك، فقال شيخ الحارة: هل تصدق أن ابنك مرافق كريمة العنابي؟

فذهل شمس الدين. متى يفعل ذلك؟ قال: إنه لا يغيب عن ناظري حتى أودعه فراشه!

فضحك مجاهد إبراهيم وقال: ثم يتسلل من البيت وأنت نائم.

Bog aan la aqoon