Haqiqa
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Noocyada
إلا أننا قد تعودنا أن نتصور الله يصنع الإنسان كما يصنع الناحت التمثال، بحيث أن كل شيء يفقد إذا ناقض العلم هذا الفكر الحقير. وإنها لدعوى غريبة أن نعارض العلم بفكر تصورناه في حال جهلنا، فكان يلزم ألا نذهل عن أن الله إذا كان قريبا من قلبنا، فهو بعيد جدا عن عقلنا.
وإذا كان في الإمكان أن ينتقل من الحيوان إلى الإنسان بسلسلة انتقالات غير محسوسة، فهل يلزم من ذلك أن تكون حالتنا حالة الذباب والنمل، وإذا لم يلزم ذلك، ففي أي زمن من هذه السلسلة تظهر النفس، فدارون يقول: لا أعلم، لكن هل سألت نفسك في أي زمن تدخل النفس الإنسان: أفي زمن الحمل، أم بعد ثمانية أيام، أم بعد شهرين؟ وإذا كان هذا السر لا يزعزع إيمانك فيما خص الفرد، فلماذا تخاف منه في النوع؟ ا.ه.
فمثل هذا القول خير وأبقى.
وقد شعر بعض المذاهب بذلك فاستدركه واستعد له، فقد جاء في كتاب «اللاهوت» للدكتور «جمس أنس» الأميركاني، في فصل النشوء بواسطة عناية الله، ما نصه:
ولا يخفى أن جمهورا من أفاضل العلماء المسيحيين مستعدون لقبول مذهب النشوء على هذه الصورة متى أثبت بأدلة أقطع وأوضح مما لنا، إلى أن يقول: وعلماء الطبيعة الذين يأبون الكفر يرومون النظر إلى الطبيعة بموجب مذهب النشوء على هذه الصورة، لما فيه من تسهيل فهم أمور كثيرة لإيضاح أسرار الخليقة.
وهذا يدلك على مبلغ هذا المذهب من عقول أهل العصر حتى أعدائه، والفضل ما شهدت به الأعداء، ولعله يقول: إنه استدرك ذلك في آخر ما كتب اقتداء بمثل هؤلاء الأفاضل، فنقول له: إن استدراكه ذلك لا يوازي ضحكه وبكاءه وهزءه به في أولها - كما في صفحة 6 - حيث قال: «وما ذلك إلا هلج تبكي أوائله العقلاء، وتضحك أواخره الأذكياء والبلداء، بل تكاد القرود تهزأ به، والنقاعيات والكييسات الهلامية تسخر منه.» وهو نقض لبدء، ولعله من معجزات الاستنتاج، أو هو ارتقاء في المذهب، وتقهقر في اليقين، ولا نعلم أن الضدين اجتمعا في غير ذلك، فعلى الدين ألا يقف معترضا في سبيل العلم، وألا يشتبك معه في خصام مضر للاثنين، ولا يستطيع الدين أن يثبت فيه.
الباب الثالث
في آراء علماء الطبيعة في أصل العوالم
وفيه ثمانية فصول
الفصل الأول
Bog aan la aqoon