Xaqiiqda: Hordhac Gaaban oo aad u Kooban
الحقيقة: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
بعد فترة معينة، تفضل بعض السجلات حسابها بالسنين وبعضها بالعقود، أيقظه مجذفان في منتصف الليل؛ لم يستطع رؤية وجهيهما، ولكنهما تحدثا معه عن رجل مسحور في معبد الشمال يستطيع السير فوق النار دون أن تمسه النار. فتذكر الساحر فجأة كلمات الإله، وتذكر أنه من بين كل المخلوقات على سطح الأرض، كان إله النار هو الوحيد الذي يعرف أن ابنه ما هو إلا طيف. وهذه الذكرى، التي هدأت من روعه في البداية، عذبته في النهاية؛ فقد خاف أن ابنه إذا ما تأمل هذه الميزة غير العادية أن يكتشف بوسيلة أو بأخرى أنه مجرد محاكاة تافهة، أنه ليس رجلا، بل مجرد إسقاط لأحلام رجل آخر، يا له من ذل لا يضاهى! ويا له من جنون! كل أب يهتم بالأبناء الذين أنجبهم من لحظات خالصة من السعادة؛ ولذا كان من الطبيعي أن يخشى الساحر على مستقبل هذا الابن الذي خلق جسده جزءا تلو الآخر، وشكل ملامحه ملمحا فملمح، في ألف ليلة وليلة خفية. لكن مخاوفه انتهت فجأة، ولكن ليس دون تحذيرات سابقة تنبئ بانتهائها. أولا (بعد قحط دام لفترة طويلة) ظهرت غيمة بعيدة - في خفة الطير - فوق تل؛ ثم تخضبت السماء، نحو الجنوب، باللون الوردي؛ ثم أتت سحب الدخان التي سببت صدأ المعادن في الليل؛ وبعد ذلك جاء سرب من الطيور البرية المذعورة؛ لأن ما حدث منذ قرون عديدة يعيد نفسه. تحطمت أطلال معبد إله النار بفعل النار. وفي فجر دون طيور، رأى الساحر النيران وهي تتصاعد من جدران المعبد. وللحظات، فكر في أن يحتمي منها بالماء، ولكنه أدرك عندئذ أن الموت قد جاء ليتوج شيخوخته ويريحه من أعبائه، فمشى نحو ألسنة اللهب، ولكنها لم تنل من جسده، بل ربتت على جسده بلطف وغمرته دون أن تحرقه أو تؤذيه. وهنا أدرك بمزيج من الراحة والذل والرعب أنه هو أيضا لم يكن سوى طيف، يحلم به شخص آخر.
هل يمكن أن نكون شخصيات من خلق أحلام أحدهم؟ هذا الاحتمال هو انعكاس نظرية الإيمان بالذات؛ فالفرض الآن ليس أننا واقع وكل ما حولنا غير واقعي (لأنه في عقولنا فقط)، ولكن أن كل الأشياء الأخرى واقع، أما نحن فلسنا كذلك. قد ترى أن هذا الفرض خيالي. أليس وجودنا هو اليقين الأكثر جوهرية لدينا؟ وإذا كنا مجرد شخصيات في حلم، فمن الذي يحلم بنا؟ أهو إله؟ أهو شيطان مريد؟ أم شيء لا يمكن وصفه؟
لحسن الحظ، ثمة طريقة لتوضيح «معارضة نظرية الإيمان بالذات» بطريقة لا تتطلب الإيمان بإله، أو الأرواح القوية، أو غيرها من الكينونات الغامضة. يكمن الحل في فكرة المحاكاة. تتيح لنا العوالم المحاكاة عوالم نموذجية بسيطة للغاية من أجل اختبار نظرياتنا، مثل نظريات الطقس، وانتشار الأمراض، والديناميكا السكانية، وسلوك الجسيمات الأولية، وازدحام المرور، وغيرها.
شكل 1-4: نموذج انتشار مرض معد ممثل بواسطة خلايا ذاتية السلوك؛ الخلايا السوداء ميتة، والرمادية القاتمة مصابة، والبيضاء تتمتع بمناعة. تتيح القائمة على اليمين تعديل المعاملات، مثل مدى وبائية المرض.
عادة ما تمثل العوالم المحاكاة ملامح قليلة للكائنات التي تحاكيها دون أن تمثل معظمها؛ فمحاكاة المرور في جزء معين من المدينة من أجل دراسة أسباب الاختناقات المرورية قد تمثل السيارات المفردة كنقاط ملونة على الشاشة، على سبيل المثال، ولكنها لن تحاكي طريقة عمل محرك كل سيارة على حدة. وهذه ليست مشكلة؛ إذ إن المحاكاة لا بد أن تمثل أجزاء العالم التي نهتم بشأنها. علاوة على ذلك، كلما زادت التفاصيل التي نحاكيها، وفيها الجزيئات والذرات والجسيمات دون الذرية، صغرت مساحة العالم التي نستطيع تمثيلها في المحاكاة باستخدام القدرة الحسابية الحالية. وإذا زادت مواردنا الحسابية بالطريقة التي نتوقعها، أو أكثر، فقد تختفي هذه القيود في المستقبل غير البعيد. وقد يتمكن أحفادنا المتمتعين بتكنولوجيا متقدمة للغاية من تشغيل عمليات محاكاة لنظم مادية في كبر حجم كوكب الأرض، ممثلين كافة التفاصيل حتى المستوى الذري.
محاكاة الأمراض المعدية بالخلايا الذاتية السلوك
لكي تفهم ماهية الخلايا ذاتية السلوك، تخيل شبكة من الخلايا المربعة، مثل ورقة الرسم البياني. كل خلية إما أن تكون ممتلئة (حية) أو فارغة (ميتة). فلنفترض أن الخلايا الحية والميتة موزعة عشوائيا عبر الشبكة المربعة. والآن تخيل مجموعة من القواعد التي تحدد ما يحدث في الشبكة في المستقبل. كل خلية (فيما عدا الخلايا الموجودة في الأركان) سيكون لها ثماني خلايا مجاورة: اثنتان أفقيتان، واثنتان رأسيتان، وأربع خلايا قطرية. إحدى القواعد قد تنص على أن أي خلية لها أكثر من ثلاث خلايا مجاورة حية تموت من الزيادة السكانية. وقد تنص قاعدة أخرى على أن الخلايا التي لها أقل من جارتين حيتين ليست سعيدة بدورها؛ ولذا فإنها تموت من الوحدة. والآن يمكننا أخذ التوزيع العشوائي للخلايا الحية والميتة على الشبكة وتطبيق القاعدتين الأوليين عليه: كل الخلايا التي لها أكثر من ثلاث خلايا مجاورة أو أقل من خليتين مجاورتين يجب أن تصبح فارغة، بينما تظل باقي الخلايا حية. يمكننا أن نفعل كل ذلك بورقة رسم بياني وقلم رصاص وممحاة، ولكننا سنكون أسرع كثيرا لو جعلنا الكمبيوتر يقوم بهذه المهمة. وكل تطبيق للقواعد ينظر إليه بوصفه حركة في ساعة نموذج العالم الخاص بنا. ومع تطبيق الكمبيوتر للقواعد على الشبكة مرة بعد مرة، يمكننا أن نرى كيف يتغير نموذج العالم، متسببا في ظهور أنماط مختلفة.
تعتمد الأنماط التي ستظهر في الأساس على أنواع القواعد التي تحكم الانتقال من حالة للشبكة إلى أخرى؛ ومن ثم من «حركة» للساعة إلى الحركة التالية. إذا أردنا دراسة انتشار الأمراض المعدية، يمكننا أن نفترض جدلا أن بعض الخلايا الحية مريضة؛ أي حاملة للمرض، فإذا كان لخلية سليمة جارة مريضة، يمكن أن نضع قاعدة تحدد احتمال أن تصاب بالمرض هي أيضا. فإذا كان الاحتمال 0,5، فإن نصف الخلايا السليمة التي تجاور خلايا مريضة ستصبح مريضة هي أيضا بعد الحركة التالية. يتفق هذا الاحتمال مع مدى وبائية المرض؛ بمعنى مدى سهولة الإصابة به. ويمكن وضع قاعدة أخرى لتحديد المدة التي يمكن أن تعيشها الخلايا المصابة بالمرض؛ بمعنى: بعد كم حركة ستتحول الخلية من خلية حية إلى خلية ميتة؟ ويتفق هذا مع مدى شدة المرض؛ أي مدى سرعته في قتل الخلية التي يصيبها. وعن طريق تنويع القواعد، يمكننا أن نلاحظ في نموذج العالم الذي وضعناه كيف تتطور الأمراض المختلفة من حيث احتمال الإصابة بها والسرعة التي تقتل بها حاملها؛ على سبيل المثال، سوف نلاحظ أن الأمراض الشديدة الوبائية التي تقتل بسرعة كبيرة لا تنتشر بسرعة كبيرة؛ إذ إن العائل سيقتله المرض قبل أن يصيب غيره بالعدوى.
من الطريف أن نطرح سؤالا عما سنحاكيه إذا أتيحت لنا مثل هذه التكنولوجيا. ما يخطر على بالنا على الفور هو تاريخنا. كثيرا ما نتساءل عما كان سيحدث إذا تغيرت بعض التفاصيل الصغيرة ولكن المهمة في الماضي. ماذا كان سيحدث إذا لم يأخذ قائد سيارة الأرشيدوق فرانز فرديناند المنعطف الخطأ داخلا إلى شارع جانبي في سراييفو في الثامن والعشرين من يونيو عام 1914؟ ماذا كان سيحدث إذا كان ألكسندر فلمنج قد ألقى طبق بتري الملوث في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1928؟ ماذا كان سيحدث إذا توفي ماو تسي تونج إثر أزمة قلبية أثناء سباحته الشهيرة في نهر يانجتسي في السادس عشر من يوليو عام 1966؟ ماذا كان سيحدث إذا لم يغير ألويس شيكلجروبر اسم عائلته إلى هتلر؟ رغم أننا غير قادرين على الإجابة عن هذه الأسئلة، سوف يتمكن أحفادنا من الإجابة عنها؛ فبإمكانهم أن يشغلوا عملية محاكاة حاسوبية لكل ما حدث على كوكب الأرض بين عامي 1875 و1945، ويغيروا تفصيلة واحدة صغيرة في المسار الحقيقي للأحداث؛ ومن ثم يراقبون إذا ما كان ملايين الألمان سيهتفون بالتحية «هايل شيكلجروبر» أم لا. وقد تتيح محاكاة مشابهة لأحفادنا اكتشاف شكل العالم لو لم تشتعل الحرب العالمية الأولى، أو لو لم يكتشف البنسيلين، أو لو لم تقع الثورة الثقافية الصينية.
ولكن يوجد الآن الاحتمال المقلق أننا «نحن أنفسنا» نعيش في إحدى عمليات المحاكاة المتنوعة. ربما لم تقع الأحداث بين عامي 1950 و2050 حقا بالطريقة التي نذكرها. ربما تغيرت تفصيلة واحدة مهمة مما حدث في 1950 (ولا نعرف أي تفصيلة) في عملية المحاكاة، وتغير مسار الأحداث تغيرا شديدا منذ ذلك الحين. ربما لم يولد أشخاص بأسمائنا في المسار الأصلي للأحداث من عام 1950 إلى عام 2050، وفي هذه الحالة فنحن جميعا نتاج عملية محاكاة، وعلى غرار الساحر في قصة بورخيس، نحن موجودون في حلم أحدهم فحسب.
Bog aan la aqoon