فصل (معنى النصر والخذلان من الله تعالى) وأما قوله تعالى: (والله يؤيد بنصره من يشاء) فربما تعلق به متعلق، فقال: إذا أضاف تعالى النصر إلى نفسه فيجب أن يكون من فعله، حتى أن الغالب تكون غلبته بنصر الله، والمغلوب تكون صرعته بخذلان الله، وهذا خلاف مذهبكم!
فالجواب: أنا قدمنا في صدر هذا الكتاب من الكلام في حقيقة النصر والخذلان، ما يغني عن تكلف إعادة شئ منه، إلا أننا لا نخلي هذا الموضع من يسير من القول في ذلك: يبلغ قدر الكفاية، ويقيم عمود الحجة بتوفيق الله، فنقول:
إن النصرة قد تكون بالحجة إذا ظهرت للمؤمن على عدوه عند المنازعة، وقد تكون بما يحصل له من التعظيم والكرامة، وللكافر من الإدالة (1) والإهانة، وقد تكون في الحرب بالظفر والغلبة، وقد تكون بتحمل المشقة فيما يؤدي إلى الاجر والمثوبة، فلذلك قلنا: إن المؤمنين إذا غلبوا في الدنيا لم يخرج الكفار مع ذلك من أن يكونوا مخذولين، من حيث كان ما فعلوه مؤديا إلى عظم النكال، وأليم العقاب، ولم يخرج المؤمنون من أن يكونوا منصورين، من حيث كانوا يستحقون من الله تعالى
Bogga 46