أقل من العدد الذي كانوا عليه في الحقيقة، كما يرى الانسان الثلاثة اثنين، وهذا كما يقول القائل لجماعة من أعدائه: إني لأرى كثيركم قليلا، وخطبكم يسيرا، على المعنى الذي ذكرناه، ويكون تقليل المسلمين في أعين المشركين الذي ذكره الله تعالى بقوله: (ويقللكم في أعينهم) على هذا الوجه أيضا، كما ذكرناه أولا، ليطمع المشركون فيهم فيقدموا عليهم، ويجعل الله من بعد [الدابرة] (1) على المشركين، والعاقبة للمتقين، وتفترق الرؤيتان على حال القلة والهوان، فيكون ما يراه المسلمون من قلة المشركين سببا لقوة قلوبهم وطريقا للطمع فيهم، ويكون ما يراه المشركون من قلة المسلمين سببا لسرعة الاقدام عليهم، ولئلا يقفوا عنهم هيبة لهم، فيطول التحاجز بينهم، فإذا أسرعوا إليهم منح الله المسلمين النصر والاظهار على جماعتهم، وأظفر أولياءه بهم، وأنجز لهم وعده فيهم، فتكون القلة التي ترى بالمسلمين مفضية إلى كثرة وعزة، والقلة التي ترى بالمشركين مفضية إلى ذلة وشقوة.
8 - وقال قاضي القضاة أبو الحسن: (معنى قوله تعالى: (قد كان لكم آية في فئتين التقتا...) يحتمل أن يراد بذلك حجة ودلالة، ويحتمل أن يراد به: أمارة وعلامة (2) تقوي ظنكم فيما خبرتم به من النصر والاظهار (3)، لتأمنوا ما خفتم وقوعه من غلبة الكفار، لكن
Bogga 41