156

فأما قول الله تعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ، وما نؤخره إلا لأجل معدود ، يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ، فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق ، خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد ، وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ}[هود:103-108]، فإن الاستثناء هاهنا من الحكم في الدنيا للشقي باسم الشقاء، وللسعيد باسم السعادة. وليست المشيئة بمستثناة من الخلود، وإنما هي مستثناة ممن حكم له في الدنيا باسم، ثم رجع عما كان عليه. تقديره: فأما الذين حكم عليهم باسم الشقاء في الدنيا، ففي النار خالدين فيها، إلا أن يتوبوا في الدنيا. فهذا الاستثناء هو المراد بقوله : {إلا ما شاء ربك}. وكذلك في الذين سعدوا تقديره: وأما الذين كتب لهم اسم السعادة في الدنيا، ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض، إلا أن يخرجوا من الطاعة إلى المعصية في الدنيا. وهو المراد بقوله: {إلا ما شاء ربك}.

ومما يؤيد ذلك أن الذين سعدوا لا يخرجون من الجنة أبدا إذا ماتوا سعداء بالإجماع. فلو جاز خروج أحد من النار، جاز خروج من يدخل الجنة؛ لأن الاستثناء هاهنا في ذكر الجنة والنار. فبطل تعلقهم بهذه الآية.

وقد قيل: [إن] معنى {إلا ما شاء ربك} المراد به: وقت الحساب.

وأما الخبر الذي رووه عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم فهو خبر ضعيف؛ لأنه من خبر الآحاد، وإن صح فالمراد به: من حكم له بأنه من أهل النار ثم تاب في الدنيا خرج مما حكم عليه به.

ويدل على هذا التأويل ما روي عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم أنه سمع مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((خرج من النار )).

Bogga 216