وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا نفعني الله به بما شاء، فإذا سمعته من غيره حلفته، فإذا حلف صدقته. وحدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر.
وكقبول خبر حمل بن مالك في جنين المرأة. فصح أن خبر الآحادي يقبل في الفروع دون الأصول لما قدمنا. وصح أن النظر أصل من أكبر أصول الدين، لأنه به عرفت الأصول.
فأما القياس فإنه لا يصح في الأصول، وقد يصح أن يقاس الشيء من الفروع بمثله، كما يقاس ما لم يسم، مما يكال مما أخرجت الأرض في وجوب الزكاة على مثله المسمى، مثال ذلك: أن السمسم والدخن وأشباههما لم تسم في الخبر عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم فوجب أن يقاس على ما سمي من التمر والزبيب والحنطة؛ لأنه روي عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لا تجري الصدقة في تمر ، ولا زبيب، ولا حنطة، ولا ذرة، حتى يبلغ الشيء منها خمسة أوسق))، والوسق: ستون صاعا، وإنما قلنا إنه مثله؛ لأنه وافقه في أكثر أوصافه، وذلك أنه مما أخرجت الأرض، ومما يطعم ويقتات، وأنه مكيل، وليس كذلك قياس أبي حنيفة (في) الخل والنبيذ وسائر المائعات على الماء؛ لأنه مخالف (له) في كل أوصافه، إلا في الرقة والصفاء؛ وهو مخالف له في لونه وطعمه وريحه واسمه وحكمه، فهذا مما لا يجوز من القياس. وقد أنكر عليه القياس العلماء في وقته وبعد وقته.
Bogga 62