Xaqiiqda Islaamka
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Noocyada
قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها (النساء: 97). •••
هذه المسئولية التامة المتناسقة بين طوائف الأمة وطبقاتها تمليها شريعة تامة متناسقة في عقائدها وتكاليفها، ولولا هذا التناسق في الدين الإسلامي لكان اضطلاع الأمة بمسئولياتها العامة من النقائض التي لا تعقل في قسطاس العدل أو في منطق الواقع؛ لأنها تسوم الناس من جانب ما تبطله من الجانب الآخر.
فالأحبار والكهان في الأمم الخالية كانوا يقومون بينها هيئة مفروضة عليها، مرسومة بمراسمها الموروثة وأزيائها المقررة وإتاواتها المضروبة عليها كأنها ضرائب الدولة، وكانت هذه الهيئة قائمة في الطليعة تهتدي فيهتدي من يليها، وتضل فلا يملك أحد سبل الهداية من ورائها، وكان سبيل الهداية الوحيد أن يتصدى نبي من الأنبياء لهذا السد المغلق فيحطمه، ويفتح فيه الثغرة التي يسلكها من يتطلع إلى بصيص من النور يطالعه من لدنها.
ولو فرض الإسلام على الأمم هيئة كهذه الهيئة لما استقام للأمة حقها العام، ولا تسنى لها أن تضطلع بتبعاتها العامة، إلا أنه أعفاها من طغيان الكهانة وفتح أمامها منادح للفكر الإنساني لم تكن مفتوحة من قبله؛ فجعل النصيحة حقا لكل قادر عليه من أولي الفهم والدراية، وجعل العلم وظيفة عامة يطلبها من يشاء ويتولاها من يشاء، ولا سلطان له على الناس غير سلطان القدوة الحسنة والإقناع بالحجة والبينة الصادقة، وهو المسئول إن خان هذه الأمانة، والمستمعون له هم المسئولون إن سمعوها فلم يستجيبوا لندائها:
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (آل عمران: 104).
وما هلكت الأمم من قبلهم إلا لأنهم
كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه (المائدة: 79).
وإن كلمة «المنكر» وحدها لكافية في الدلالة على هذه الفريضة العامة؛ فإنها من الإنكار الذي يشيع بين الناس فلا يجري بينهم أمر من الأمور أنكروه ولم يتعارفوا عليه. فإذا اصطلحوا على المنكر وجهلوا الأمر بالمعروف، فتلك أيضا جريرتهم يحاسبون عليها ما دام من حقهم أن يتجنبوها، ولا ظلم ولا حيف في هذه المسئوليات العامة بين الأمم، بل الظلم والحيف أن يتساوى الجاهلون والعارفون، أو تتساوى جماعة الجهلاء الذين نفعتهم ويلات الجهل وبلاياه فجهدوا جهدهم للخلاص منه، وجماعة الجهلاء الذين سدروا مع الجهل ولم يشعروا بويلاته وبلاياه، ولا يحل في قسطاس العدل على كل حال أن تكون الأمة مصدرا لجميع السلطات إلا إذا كانت مع هذا مرجعا لجميع التبعات والمسئوليات،
ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (آل عمران: 182). •••
ولا يحسب على الإسلام أن المسلمين لم يحفظوا حقهم ولم يضطلعوا بتبعتهم، وإنما يحسب عليه أنهم حفظوا الحق ثم ندموا على حفظه، واضطلعوا بالتبعة ثم ندموا على الاضطلاع بها، أو يحسب عليهم أنهم ضيعوا الحق فلم يصبهم بلاء من تضييعهم إياه، وأنهم نكصوا عن التبعة فلم يصبهم بلاء من النكوص عنه. ولم يحدث من هذا ما يدعو المسلم إلى الندم على إيمانه بدينه، ولكنه قد حدث منه مرارا ما يدعوه إلى الندم على التفريط في أوامر هذا الدين القويم ونواهيه. •••
Bog aan la aqoon