150

Xaqiiqda Islaamka

حقائق الإسلام وأباطيل خصومه

Noocyada

خاتمة

نختتم بهذه الكلمة فصولا كتبناها عن حقائق الإسلام وأباطيل خصومه في العصر الحاضر. ونحن نعلم أن هذه القوة الروحية الخالدة في مفترق طريق وعرة تقف لديها لتثبت وجودها في مستقبلها بعد أن أثبتت وجودها في ماضيها.

ولقد وقف الإسلام مرات في مثل هذا المفترق أمام خصومه منذ قيام الدعوة المحمدية، وصمد لحملات عنيفة كهذه الحملات التي يشنها عليه خصومه في العصر الحاضر، ولكنها على أكثرها كانت من قبيل الحملات المادية - أو الحربية - التي شنها منافسوه من أرباب الدولة والسلطان، وقل أن وقف الإسلام طويلا أمام قوة يحفل بها لأنها تتصدى له من الوجهة الروحية؛ إذ كانت القوى الروحية التي تصدت له فيما مضى تنظر إلى ماضيها فتلمس فيه الفارق بينها وبينه، ولا تأمن عاقبة الجولة في هذا المجال، وهي مجردة من عدة الدولة والسلطان، وكانت من جانبها مشغولة بخصوماتها ومنازعاتها بين نحلها ومذاهبها، تتجرد للحملة عليه إلا أن تتأهب للغلبة عليه بقوة السلاح!

أما حملات العصر الحديث فأهونها - فيما نرى - حملات الدولة والسلطان، وهي الحملات التي شنها عليه الاستعمار، ثم ظهر منها بعد حين أنها لم تقتل فيه قوة المقاومة، ولم تمنعه أن يصمد لها في ميدان البأس والحيلة، فكان صمود الإسلام لمحنة الاستعمار آية من آيات القوة الروحية التي تسعد المعتصمين بها حين تخذلهم قوة السلاح وقوة السياسة وقوة العلم وقوة المال. ولو لم يكن في هذه العقيدة الخالدة سر أعمق جدا من أسرار العقائد الشائعة لما اعتصم المسلمون منها بمعتصم نافع أمام هذه القوى المتضافرة عليها مجتمعات.

ولنا إذن أن نقول - على ثقة - إن القضية الروحية بين الإسلام والاستعمار قضية بلغت حلها المأمول أو كادت أن تبلغه؛ فهي قضية مفروغ منها في هذا القرن العشرين.

ولنا منذ الساعة أن نقول على ثقة إن حملات الخصوم الذين يهاجمون الإسلام صائرة إلى هذا المصير. إلا أننا ننظر إلى قوى معروفة من الجانبين، ونرى أن فرصة الإسلام في هذه الجولة خليقة أن تبعث في الصدور أملا أكبر من الأمل في مجرد الثبات والصمود، وبخاصة حين نذكر أن العدة التي يعتد بها خصوم الإسلام في حملاتهم عليه هي عدة سلبية لا يعتمدون فيها على حجتهم وبيناتهم كما يعتمدون فيها على ضعف العقائد عامة في عصر المادية الطاغية على العقول والضمائر؛ فهم ضعفاء يجردون الحملة على الإسلام لظنهم أن الشبهات المادية زلزلته من داخله، وفتحت بين أهله ثغرة ينفذ منها المهاجم وإن ضعف وضعفت معه حجته وبيناته، فإذا انكشفت هذه الرغوة عن زبدتها وعرضت قوى الإسلام وقوى خصومه عرضا يناسب هذا العصر الحديث، فالذي يتقدم هو الإسلام، والذي يرتد أو يذعن للحقيقة هو الخصم المستعد للإنصاف. •••

يتلقى الإسلام أشد الحملات في العصر الحاضر من منكريه لأنهم يحترفون التبشير بدين آخر، أو من منكريه لأنهم ينكرون جميع الأديان.

وكلا الخصمين لا يستطيع أن ينال من الإسلام إذا وزن بميزان واحد، وأخذ بمعيار واحد فيما يؤيده من دعواه، وفيما ينكره من دعوى الإسلام.

لا يستطيع المبشر المحترف أن ينال من الإسلام بما يدعيه عليه من التحريف والتشويه للأديان التي سبقته، فإن الإسلام في الإله وفي النبوة وفي الخير والشر وفي حقوق الإنسان أرفع وأصلح مما جاءت به الأديان التي سبقته إذا وزنت كلها بميزان واحد يأخذ هنا بما يأخذ هناك. وليس في عقائد الإسلام ما يعتبره المنصف نكسة إلى الوراء أو يعتبره تطورا في عقيدة تترقى مع الزمن حسبما يعرض لها من الظروف والملابسات؛ فإن من هذه العقائد - كالعقيدة في رب العالمين - ما ينقض عقائد الشرك وعقائد العصبية والاستئثار، ويصدر من بيئة مشحونة بمفاخر العصبيات والسلالات، وإنه لمن تعسف القول أن يقال إنها هي البيئة التي يتطور فيها الإيمان بإله القبيلة ليصبح إلها واحدا يؤاسي بين الشعوب والقبائل، يحاسبها بأعمالها ولا يحاسبها بآبائها وأنسابها، أو بما سلف من خطايا الآباء والأسلاف.

ومن ينكر النبوة على صاحب الدعوة لعلة من العلل الماجنة التي يتمحلونها، فهو مرغم على إنكار نبوات كثيرة يتقبلها ولا يشك في مصدرها السماوي ومعاذيرها المقبولة عند الله.

Bog aan la aqoon